تقولُ لقد رأيتُ رجالََ نجد ... وما أبصرتُ من يمان
ألفتَ وقائعَ الغمرات حتى ... كأنك والوقائع توأمان
وتقتحم الحروبَ رخىّ بال ... كأنك من رَدَاها في أمان
إلى كم ذا الهجوم على المنايا ... وكم هذا التعرضُ للطعان
فقلت لها لكل الناس عذٌر ... ولا عذٌر لكلبي جبان ومن أمثلة هذه الروح الأرستقراطية في الغزل قول الأمير مستخلص الدولة وهو من الكلبيين:
قلتُ يوماً لها وقد أحرجتنْي ... قولةً ما قدرْتُ أنفك عنها
أشتهي ولو ملكتُ أمرك حتى ... آمرََ الآن فيك قهراً وأنهى
فبكت ثم أعرَضَتْ ثم قالت ... خنتني في محبة لم أخنها وليس في هذا الشعر الصقلي فخر بالأجناس عامة، ليس فيه شعر يمجد العرب أو البربر وإنما فيه اعتزاز بالقبيلة، فالكلبي يفتخر بكلبيته، والقيسي بأن قومه غلبوا قيصر وفتكوا بحمير (?) حتى الفقهاء يفتخرون بقبائلهم، وهم أحق بالتخلي عن روح العصبية. من ذلك قول الفقيه عمر بن مازوز اللواتي يفتخر بقبيلته لواتة (?) :
لمن تعزى المكارمُ والأيادي ... وردّ الخيل ذاهبةَ الهوادى
سوى قومي الذين سَمتْ نفوسٌ ... بهم شرفاً إلى السبع الشداد الحقيقة الثالثة: الفترة التي نما فيها الشعر الصقلي:
وتمتد هذه الفترة من 212هـ إلى 464هـ وهي ليست طويلة في حياة الإنتاج الفني والعلمي. وفيها ضروب من القلاقل الداخلية وفيها إلى ذلك جهاد طويل مرير. وقد يكون هذا النوع من الحياة مهيئاً لنمو الشعر واكتماله، ولكنا إذا