وفيما نحن نظر إلى داخل الجزيرة لنرى كيف استقرت الأحوال فيها أثناء حكم امتد من 1080 - 1190 وشغله من الحكم أربعة مشهورون، هم رجار إلى الجماعة الإسلامية فهي حسبنا من بين تلك الجماعات الكثيرة التي كانت تعيش في الجزيرة، ذاكرين دائماً أن الجماعة الإسلامية كانت عندما استولى النورمان على الجزيرة حقيقةً لا يسهل محوها أو طمسها، وأن الفاتحين كانوا أقلية ضئيلة، لا يستطيعون أن يفرضوا أنفسهم على نواحي الحياة في الجزيرة بالقوة، ولم تكن لهم حضارة يبسطونها على هذا العالم الذي كان يمد ما حوله بالحضارة، ومن ثم نفهم تلك السياسة المتسامحة التي قابلوا بها كل دين ومذهب في صقلية، لكي لا يبدو هذا التسامح غريباً في نظرنا، حين نذكر أنه معاصر للحروب الصليبية، ومن ثم أيضاً نفهم الروح الانتقائية التي واجهوا بها النظم والقوانين والشرائع المتنوعة، واختاروا أحسن ما يلائم حكومتهم منها، ولم يكن بدُ من تلك الخطوات الواعية عند قوم كانوا نقطة المركز في دائرة من الأعداء، فأحياناً هم على عداء مع البابا، وكثيراً ما كانوا في خصومة مع الإمبراطورية الشرقية، وهم في خطر من تهديد الإمبراطور الجرماني، وعلى مقربة منهم في الساحل الأفريقي أمراء مسلمون يضمرون لهم العداء، وهذه حالٌ تستدعي الأمن والرضى في الداخل، وتجعل التوازن بين المصالح والفئات المتضاربة أمراً لا غنى عنه، ولذلك آمن النورمان بالواقع فلم ينصروا ديناً على دين، وخضعوا لاعتبارات الموقع الجغرافي، والحقائق