العرب في صقليه (صفحة 110)

تستطيع أن تصرف العالم العارف واللبيب العاقل، ويقول: كيف يسلم دين من له زوجة لا ترحم وولد لا يعذره (?) .

وفي تصوف الشيخ الصقلي إلى جانب الروح الفقهية تمسك شديد بمذهب أهل السنة وليس في كل كتابه إشارة واحدة لأهل البيت أو لعلي بن أبي طالب، يقول: " وقد اخرج الله من اليقين المحفوظ تحت العرش ثمانية مثاقيل فخص النبي بأربعة وزيد ذخيرة من الخصوصية، وأعطى أبو بكر مثقالين وزيد ذخيرة من الخصوصية، وأعطى عمر بن الخطاب مثقالا وزيد ذخيرة من الخصوصية، ثم قسم المثقال الباقي بين سائر الأمة على قدر عقولهم ".

فإذا نحن خلينا الشيخ أبا القاسم الصقلي وذهبنا نساير التصوف بصقلية في القرن الخامس وجدنا الظاهرة الأولى وهي امتزاج الفقه بالتصوف لم تتغير ويمثلها في ذلك عتيق السمنطاري الفقيه المحدث. وكان السمنطاري من الزهاد السائحين في الأرض، طاف كثيراً من البلدان، وحج ولقى العباد والزهاد، وكتب عنهم ما سمع، وصنف في الرقائق وأخبار الصالحين كتاباً كبيراً يزيد على عشرة مجلدات سماه " دليل القاصدين " لم يسبق إلى مثله، في نهاية الملاحة (?) ، وله شعر من متوسط شعر المتصوفة إلا أنه تشيع فيه روح التشاؤم وإيجاس الشر من سوء ما بلغت إليه حال الناس.

ويظهر أن التصوف في هذا القرن كان قد كثر فيه الدخلاء، وأصبح المتصوفة يتظاهرون بالزهد تظاهراً ويتواجدون ويبكون عند الغناء ويرقصون ويتغاشون. وقد عبر عن هذه الحال أبو عبد الله بن الطوبي في قصيدة له (?) وانتقد تلك التصرفات في أهل التصوف ووضح رأيه في ذلك المذهب بقوله:

بل التصوف أن تصفو بلا كدر ... وتتبع الحق والقرآن والدنيا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015