طبقتين أساسيتين هما العرب البائدة ومن بينهم قبائل عاد وثمود وطسم وجديس, وقد باد هؤلاء لسبب أو لآخر, وعرب باقية, وهؤلاء بدورهم قسمهم الكتاب من إخباريين ومؤرخين إلى طبقتين: العرب العاربة أي أصحاب اللسان العربي الأول, الذين أخذوا عن هؤلاء اللغة العربية واصطنعوها لسانا لهم. والذي يهمنا في صدد الحديث الحالي هو ما ورد في هذه الكتابات من محاولات لربط العرب عرقيا، أي عن طريق تسلسل النسب وقرابة الدم بالأصل السامي، وهي محاولات يظهر من بينها, على سبيل المثال، ما ذكره عبيد بن شرية في أثناء حديثه عن أبناء نوح -عليه السلام- من أن أحد أبنائه وهو "سام" كان له ابنان، أحدهما إرم وإليه وإلى بنيه ينتسب العرب37. وما ذكره عدد من الكتاب الآخرين, مثل البلاذري والمسعودي، من أن العرب العاربة ينتسبون إلى قحطان بن عامر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح38.
ورغم أن هذه الكتابات ظهرت جميعا بعد انتهاء العصر الجاهلي وظهور الدعوة الإسلامية، بل كان ظهور بعضها بعد الإسلام بعدة قرون كما أسلفت، ورغم أن بعضها على الأقل تحيط به شكوك كثيرة سواء فيما يخص الملابسات التي أحاطت بالكتابة نفسها أو بمضمون هذه الكتابة أو فيما يخص الاختلافات بين أصحاب هذه الكتابات39, إلا أن نقطة أساسية لا بد