التي كانت موجودة في شبه الجزيرة العربية وألقى أضواء على عديد من جوانبها وسأكتفي هنا، على سبيل المثال لا الحصر، بالإشارة إلى عدد من هذه الجوانب. فقد عرفنا القرآن الكريم بعدد من الأقوام التي كانت موجودة في شبه الجزيرة، فإلى جانب قريش التي كانت موجودة وقت نزوله في أوائل القرن السابع الميلادي -واستمرت بعد ذلك- كانت هناك أقوام أخرى سابقة مثل عاد وثمود وسبأ. وفيما يخص عاد فيشير القرآن الكريم إلى عاد الأولى التي وجدت ثم اندثرت وإلى عاد أخرى اندثرت كذلك. ونحن نستطيع أن نتتبع الإشارة هذه ونستكمل بها ما جاء في مصادر أخرى, فعاد الأولى التي أرسل الله إليها هودًا -عليه السلام- كانت موجودة في جنوبي شبه الجزيرة العربية حسبما نستنتج من ارتباط اسمها بالأحقاف1, وهي منطقة صحراوية تقع في العربية الجنوبية، كذلك يشير القرآن الكريم في موضعين آخرين إلى وجود آخر لعاد في فترة غير بعيدة قبل نزوله، وفي أحد هذين الموضعين إلى منطقة تنطبق أوصافها على القسم الشمالي الغربي لشبه الجزيرة العربية كمكان لإقامتهم2. وإذن فنحن أمام وجودين لقوم عاد في مكانين مختلفين, أحدهما في الجنوب عند الأحقاف والآخر في الشمال الغربي، وفي زمانين مختلفين أحدهما لا نعرفه على وجه التحديد والآخر في وقت غير بعيد قبل نزول القرآن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015