القبائل أو أعداد منها من الحجاز إلى مناطق أخرى مع عصر الفتوح الإسلامية، أو لانصرافهم عن الزراعة واشتغالهم بالتجارة أو غيرها, كذلك فإن ذكر الزيتون في القرآن إذا كان يشير إلى معرفة عرب الحجاز بهذه الفاكهة, فإن هذا ليس معناه وجودها في هذه المنطقة بالضرورة فربما عرفها سكان البلاد عن طريق المبادلات التجارية التي نقلت إليهم ثمراتٍ وسلعًا -بل وأفكارًا- كثيرة لم يتعرفوا عليها إلا من خلال هذه المبادلات.

أما عن الأشجار، فقد كانت الشجرة الأولى في شبه جزيرة العرب هي النخلة، التي انتفع سكان المنطقة بكل جزء منها؛ فهي التي تحمل التمر أكثر الفواكه شيوعا وتنوعا في الانتفاع به عند العرب. فالتمر "مع الحليب" هو الطعام الأساسي لعرب البادية إذا استثنينا بعض المناسبات التي يتناولون فيها شيئا من لحم الجمل. وليس من الغريب في هذا المقام, إذن, أن يجعله سكان البادية أحد العنصرين الأساسيين للحياة حين يعبر عن حصوله على "الأسودين" وهما التمر والماء كهدف يسعى دائما إلى تحقيقه. ومن التمر يستخرجون كذلك الدبس والنبيذ، وبعض أجزاء النخلة يتخذونه دواء يتطببون به. ومن هنا فقد اكتسبت شجرة النخيل عند عرب شبه الجزيرة أهمية خاصة بل وصلت إلى قدر كبير من التبجيل في كثير من الأحيان. ومن مظاهر هذه الأهمية أن ثروة الرجل إذا كانت تقاس بما كان يملك من جمال فإنها كانت تقاس كذلك بما كان يملك من نخيل. كذلك اهتم السكان بزراعة أنواع كثيرة من النخيل تحمل أنواعا مختلفة من التمر، وفي هذا المقام نجد الكتاب العرب يعدون مائة نوع من التمر في المدينة وحولها وحدها. وفي مجال الحديث عن نخيل شبه الجزيرة يستشهد أحد المؤرخين المسلمين بحديث يحث فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- على تبجيل النخلة؛ لأنها "من طينة آدم" وسواء أكان الحديث صحيحا أم منحولا فهو يشير إلى الفكرة التي كانت سائدة لدى العرب عن أهمية هذه الشجرة، وهي أهمية يبدو أنها لم تقتصر على العرب وحدهم وإنما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015