ثم نأتي إلى القسم أو التكوين الثالث من المناطق الصحراوية وهو ما يعرف باسم "الحرار" أو "الحرات" "جمع حرة" وهي الأراضي التي تغطيها حجارة بركانية سوداء، بعضها هو أفواه البراكين ذاتها، والبعض الآخر ناتج من تفتت الحمم أو اللافه "سماها العرب اللابه أو اللوبه" التي قذفت بها هذه البراكين ثم بردت وتفتتت بمرور الزمن وثوران البراكين ظاهرة عرفتها شبه الجزيرة العربية منذ العصور السحيقة كما عرفتها المناطق المقابلة لها سواء في الحبشة أو في عدد من الأماكن الأخرى على السواحل الشرقية للقارة الإفريقية, وقد ظل بعض هذه الحرار ثائرا أو ثار بشكل متقطع بعد العصر الإسلامي, مثل حرة "النار" التي كانت لا تزال ثائرة في عهد عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين. وكانت آخر مناسبة ثارت فيها البراكين في شبه جزيرة العرب في أواسط القرن الثالث عشر الميلادي "1256م" حين ثارت إحدى الحرات في شرقي المدينة لعدة أسابيع وامتدت الحمم التي قذف بها حتى توقفت على مسافة بضعة كيلو مترات قليلة من المدينة, وكانت ثورة هذه الحرة فيما يبدو مظهرا من مظاهر الهزات الأرضية والانفجارات البركانية التي عرفتها بعض المناطق في غربي آسيا في أواخر القرن الثاني عشر وخلال القرن الذي يليه.
وتوجد الحرار في شبه الجزيرة العربية على امتداد المنطقة الغربية من الجنوب قرب باب المندب حتى تلتقي بالمنطقة التي توجد فيها الحرار في سورية في منطقة حوران. كما توجد في بعض المناطق الوسطى في شبه الجزيرة مثل المنطقة الشرقية الجنوبية من هضبة نجد, وقد عد أحد علماء العرب 29 من هذه الحرار, كما أضاف إليها الرحالة المحدثون عددا آخر. ومن بين الحرات التي عرفها العرب حرة تبوك حرة النار قرب خيبر "وكلتاهما في شمالي غربي شبه الجزيرة", وحرة واقم التي تقع إلى شرقي المدينة, وحرة وبرة التي تقع على بعد ثلاثة أميال غربي المدينة في أول الطرق المؤدية إلى مكة, وحرة