فذكر ابن كثيرٍ رحمه الله -تعالى- لفتةً دقيقةً، وهي أنّ المسلمين لما خالفوا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أُصيبوا بفاجعة فظيعة، وكانت العاقبة مريرة، حيث اجتاح التتار ديارهم في صورة بشعة لم يشهد التاريخ لها مثيل، وقدّمنا كلام العلماء ونقولاتهم في ذلك (?) ، والله الواقي من المهالك.
واللفتة نفسها نبّه عليها في (حوادث سنة ثلاث وأربعين وست مئة) ، قال في (13/168) : «وفي هذه السنة كانت وقعةٌ عظيمةٌ بين جيش الخليفة وبين التتار -لعنهم اللَّه-؛ فكسرهم المسلمون كسرةً عظيمةً، وفَرَّقوا شملهم، وهُزِمُوا من بين أيديهم، فلم يلحقوهم، ولم يتبعوهم، خوفاً من غائلة مكرهم، وعملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: «اتْرُكُوا التُّرْكَ ما تَرَكُوكُم» .» .
وهذا الأمر ليس خاصّاً به، وإنما هو منهج تَلَقّاه عن علماء عصره، وعلى رأسهم شيخه ابن تيمية؛ فها هو يقول:
«ثبتَ للشامِ وأهلِه مناقبُ بالكتاب والسنة وآثار العلماء، وهي أحد ما اعتمدته في تحضيضي للمسلمين على غزو التتار، وأمري لهم بلزوم دمشق، ونهيي لهم عن الفرار إلى مصر، واستدعائي للعسكر المصري إلى الشام، وتثبيت العسكر الشامي فيه، وقد جرت في ذلك فصول متعددة» (?) .
ثالثاً: الذي غرَّ الكاتب ما عنون عليه ابن كثير في «البداية والنهاية» (6/199-212) (فصل: في ترتيب الأخبار بالغيوب المستقبلة بعده صلى الله عليه وسلم) (?) ، و (6/214-221) (باب: إخباره صلى الله عليه وسلم عن الفتن الواقعة في أيام عثمان وخلافة علي -رضي الله عنهما-) ، و (6/221) (إخباره صلى الله عليه وسلم عن الحَكَمين اللذَيْن بُعثا في زمن علي) ، و (6/222-223) (إخباره صلى الله عليه وسلم عن الخوارج وقتالهم) ،