وأضرب على ذلك مثلاً سمعته من أحد الثقات يحدّث عن رجل صالح كان في الأردن؛ هو الشيخ الدبّاغ، لقد كان هذا الشيخ يقول للناس -ويقسم-: إنّ بريطانيا وحلفاءَها سينتصرون في الحرب العالمية الثانية على ألمانيا! وكان الناس يعجبون من ذلك، بل لقد أسرّ إليه بعض المقربين أنّ الشكوك بدأت تحوم حوله.. بأنه يقوم بالدعاية لبريطانيا!!!
وقد بين الشيخ -رحمه اللَّه- الأساس الذي بنى عليه يقينه؛ وهو أنه ربط بين حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي بيّن أنّ المسلمين سيقاتلون اليهود قبل قيام الساعة، وبين أحداث عصره؛ فبريطانيا الدولة المنتدبة على فلسطين هي التي رعت فكرة قيام الدولة اليهودية منذ وعد بلفور، وما تلا ذلك من أحداث، ولن تقوم لليهود دولة إلا إذا انتصرت بريطانيا، ولو انتصرت ألمانيا لتبدد الحلم اليهودي في الدولة.
وقد كان ما فهمه الشيخ من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وفسّر به أحداث عصره، بل تنبأ بالشيء قبل أنْ يكون.
وأقول في ضوء هذا: إننا بحاجة إلى مراجعة واعية للأحاديث التي ذكرت كثرةَ الروم (أي: النصارى) في آخر الزمان، وقتال المسلمين لهم، ومواضعَ هذا القتال، ثم فتح القسطنطينية وروميّة، ونصر اليهود للدجّال، وقتل المسيح ابن مريم -عليه السلام- له في باب اللدّ في فلسطين، ولنضع ذلك بين أيدي العاملين للإسلام -أفراداً، وجماعاتٍ، ودُولاً-.
إنّ البحث في هذه الأحاديث وفقهها ليس من نافلة القول أو العمل، وليس من باب الترف العلمي، أو الخدر العقلي، بل هو جزء من التخطيط، والتفكير، والتدبير المستهدي بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
والنظر في تلك التفصيلات الجزئية التي وردت في بعض الأحاديث، وما فيها من التوجيهات النبوية لتفادي آثار بعض الفتن، مما سبق ذكره، ومما