ذلك الكتاب. وهذا الأمر لا يختلف عليه اثنان، فما بالك لو كان ذلك النص الذي ينظر فيه الإنسان نصّاً شرعيّاً يتميز بأسلوب مرن يمكن للمرء أن يخضعه تعسفاً لمقرراته وتصوراته، ويمكن لغيره -هو الآخر- أنْ يجعله مؤيِّداً وسَنَداً لاتجاهاته وأفكاره.
لذا؛ فإنّنا نرى أنّه لا مَفَرَّ للمجتهد الذي يسعى إلى التوصل إلى حسن فهم الوحي -كتاباً وسنةً- من التقيد والالتزام بهذا الضابط المنهجي، ولا سبيل إلى الوصول إلى المراد الإلهي من النص سوى اتباع هذا الضابط، وسوى تجريد الفهم والاستنباطات من الذاتية، والتحيز، والاستدلالية، وبهذا وحده يجد المجتهد نصّاً قادراً على انتشال البشرية من براثن الضياع والتخلف، والأمراض الخلقية والنفسية، والأزمات الفكرية، والاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية!
إنَّ غياب هذا الضابط في تعاملات كثير من متعصبي الفرق والمذاهب والاتجاهات مع النصوص الشرعية، أدَّى إلى استجرار النص الشرعي إلى جميع ساحات الصراع الفكرية والعلمية والسياسية ... إلخ استجراراً تعسفيّاً لتأييد مذهبٍ، أو منهجٍ فكري، أو عقدي، أو فقهي، وما ذلك إلا بسبب عدم تجرد المتفهّم من الذاتية والتحيز والتعصب» (?) .
ويجد المتمعِّن في كثير من دراسات المعاصرين في إسقاط الأحاديث على الأحداث، أو على ما استجد من اختراعات؛ أنّ أصحابها ما استناروا بهذا الضابط المنهجي، ولم يجرِّدوا أنفسهم من صبواتهم ورغباتهم، ولذا نجدهم أخضعوا النصوص لتصورات ومُنْطَلَقات وأفكار وتخرّصات راجت في أوقاتهم بتأويل جائر خائر بائر حائر، خالفت المقاصدَ الشرعيّة الكليّة، والضوابط المنهجيّة للتعامل مع النص، ولم يحققوا الغاية المأمولة من تجسيد