هذا النوع مما وقع، ومما لم يقع، ونسب جميعه إلى دانيال؛ فأعجب به مفلحٌ، ووقف عليه المقتدر واهتدى من تلك الأمور والعلامات إلى ابن وهب، وكان ذلك سبباً لوزارته بمثل هذه الحيلة العريقة في الكذب والجهل بمثل هذه الألغاز، والظاهر أنّ هذه الحيلة التي ينسبونها إلى الباجَرْبِقِيّ من هذا النوع.
ولقد سألتُ (?) أكملَ الدين ابن شيخ الحنفية من العجم بالدّيار المصرية عن هذه الملحمة، وعن هذا الرجل الذي تنسب إليه من الصوفية -وهو الباجربقيّ-وكان عارفاً بطرائقهم-، فقال: كان من القلَنْدَرِيَّة المُبتدعة في حَلْق اللحية، وكان يتحدّث عما يكون بطريق الكشف، ويومي إلى رجالٍ معيّنين عنده، ويُلغِزُ عليهم بحروف يُعيِّنُها في ضمنها لمن يراه منهم، وربما يظهر نظم ذلك في أبياتٍ قليلة كان يتعاهدها؛ فَتُنُوقِلَتْ عنه، وولع الناس بها، وجعلوها ملحمة مرموزة، وزاد فيها الخرّاصون من ذلك الجنس في كل عصر، وشغل العامة بفكّ رموزها، وهو أمر ممتنع؛ إذ الرّمزُ إنما يهدي إلى كشفه قانونٌ يُعرفُ قبلَه، ويُوضع له، وأما مثل هذه الحروف فدلالتها على المراد منها مخصوصة بهذا النظم، لا يتجاوزوه.
فرأيت من كلام هذا الرجل الفاضل شفاءً لما كان في النفس من أمر هذه الملحمة، {وَمَا كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله} ، والله -سبحانه وتعالى أعلم-، وبه التوفيق» (?) .
فصل
تأريخ إسقاط النصوص على الحوادث في العصر الحديث وتقويمها
نعم؛ ظاهرةُ تنزيل النصوص -إنْ صحت، أو لم تصح عند وجودها، أو