«وهي طويلة ومحفوظة بين عامة المغرب الأقصى، والغالب عليها الوضع؛ لأنه لم يصح منها قولٌ إلاّ على تأويل تحرّفه العامّة أو الحَارِفُ فيه من ينتحلها من الخاصّة، ووقفت بالمشرق على ملحمة منسوبة لابن العربي الحاتمي في كلام طويل شبه الألغاز لا يعلم تأويله إلاَّ الله لتَحَلُّله إلى أوفاق عددية، ورموز مَلْغُوزة وأشكال حيوانات تامة، ورؤوس مقطعة وتماثيل من حيوانات غريبة، وفي آخرها قصيدة على رَوِيِّ اللام، والغالب أنها كلها غير صحيحة؛ لأنها لم تنشأ عن أصل علمي» .
فهذه (الملاحم) و (أصحابها) ، تشبه (الكتب) التي راجت أخيراً و (أصحابها) ؛ فلا يصحّ قولٌ فيها! إلا على تأويل تحرفه العامة، أو الحارف فيه من ينتحلها وينسبها إلى نفسه، ويسوق أحداثاً لم تنشأ عن أصل علمي في الاستدلال.
ومثّل ابن خلدون في «تاريخه» (1/424-425) على هذا بما كان في (المشرق) في زمانه، قال:
«ووقفت بالمشرق -أيضاً- على ملحمة من حدثان دولة الترك، منسوبة إلى رجل من الصوفية يُسمّى البَاجِرْبَقِيَّ، وكلها إِلْغَاز بالحروف، أوَّلها:
إن شئتَ تكسِفُ سر الجَفْر يا سائلي ... مِن عِلْم جَفْرٍ وَصِيٍّ والد الحسن
فافهم وكن واعياً حَرْفاً وجملَتَه ... والوصفَ فافْهَم كفعل الحاذِق الفَطِن
أما الذي قبل عصري لستُ أذكُره ... لكنني أذكُر الآتي من الزمن
بشَهْر بِيبَرْسَ يبقى بَعد خَمسَتِها ... بحاءٍ ميمٍ بَطِيشٌ نامَ في الكُنَن
شينٌ له أَثَر من تحت سُرّته ... له القضاء قضى أي ذلك المنن
فمصر والشام مع أرض العراق له ... وأذْرَبيجان في مُلْكٍ إلى اليمن
ومنها:
وآلُ بورانَ لما نال طاهِرُهم ... الفاتكُ الباتِكُ المعنيّ بالسِمَن