قال -تعالى-: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] .

وإذا حرَّمَ الإسلام على أهله الاعتداء، فأحرى أن يحرم عدوان غيرهم عليهم، ولا يجعله سبيلاً لامتلاك أموالهم وديارهم!

وقال -تعالى-: {وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء: 141] .

لا يقال: إن الآية تدل على أن الله -تعالى- لن يجعل للأعداء سبيلاً على نفوس المسلمين دون أموالهم؛ لأنا نقول: إن كلمة {سبيلاً} نكرة في سياق النفي؛ فتعم كل سبيل سواء أكان واقعاً على نفوسهم، أو أموالهم، أو ديارهم.

ولا يقال -كذلك-: إن الله لم يجعل للكافرين على المسلمين حجة؛ لأن الصيغة عامة فيجب إجراؤها على العموم -كما هو الأصل-؛ إذ لا دليل على التأويل أو التخصيص (?) .

كذلك لا يقال: إنه لو كانتْ أموالُ المسلمين باقيةً على ملكهم، رغم إخراجهم من ديارهم، لأطلق عليهم القرآن الكريم كلمة (أبناء السبيل) ، وهو من انقطعت بهم صلَتُهم بأموالِهم لبعدهم عنها، ولم يسمِّهم (فقراء) ؛ فدل ذلك على أنهم فقراءُ حقيقةً قد زالت ملكيتُهم عنها؛ لأنا نقول: إن ابن السبيل هو (المسافر) الذي انقطعت به الطريق، ونفد ماله، وله طماعية في الرجوع إلى بلده؛ لتمكنه من ذلك، وهذا مفوم يختلف عمن أُخرج من دياره وأمواله عَنوَة، وليس في وُسعِه أن يعودَ إليها، لذا صحّ اعتباره كأنّه فقير، أضف إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015