فسماهم فقراء بعد هجرتهم وتركهم ديارهم وأموالهم، ولأنه لا خلاف أنهم لو استهلكوه ثم أسلموا لم يضمنوه، ولو أتلفه مسلم على صاحبه للزمه غرمه، فدل ذلك على ثبوت شبهة المِلْك المشترك (?) .
قلت: ورجح المحققون من العلماء مذهب الشافعية والحنابلة، ويدل عليه ما أخرج مسلم في «صحيحه» (رقم 1641) ، وأحمد في «مسنده» (4/430) -والمذكور لفظه- وغيرهما: «عن عمران بن حصين، قال: كانت العضباء لرجل من بني عقيل، وكانت من سوابق الحاج، فأُسِر الرجل وأخذت العضباء، فحبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم لرحله، ثم إن المشركين أغاروا على سرح المدينة، وكانت العضباء فيه، وأسروا امرأة من المسلمين، فكانوا إذا نزلوا أراحوا إبلهم بأفنيتهم، فقامت المرأة ذات ليلة بعدما ناموا، فجعلت كلما أتت على بعير رغا، حتى أتت على العضباء، فأتت على ناقة ذلول فركبتها، ثم وجهتها قبل المدينة، ونذرت إنْ نجاها الله عليها لتنحرنها، فلما قدمت المدينة عُرِفَتِ الناقة، وقيل: ناقةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأُخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بنذرها، أو أتته فأخبرته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بئس ما جَزَتْها إنِ اللهُ أنجاها عليها لتنحرنها» . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم» .
فلو ملكها المشركون ما أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبطل نذرها، وقد بحث هذه المسألة أستاذنا فتحي الدريني وردها على أصولها وبيّنَها أحسن بيان، قال -حفظه الله (?) -: «ولخطورة هذه المسألة، وأهميتها البالغة في كل من العلاقات الدولية، والقانون الدولي العام، لا بد أن نقرر ما هو الحقّ فيها، مؤيداً بالأدلة، وبروح التشريع الإسلامي.