فلا يصل إليه حتى يقتل عدداً، وقد يقتل هو، وإذا لم يتوجه إليه وامتثل النهي سلم في نفسه، وسلم منه غيره» .
قلت: هذا المعنى هو الصحيح، على أن (لا) للنهي، لا للنفي، وقد جاء في رواية: «فلا تقربنه» . والنهي إنما جاء خشية الفتنة في طلب الدنيا، وحدوث القتال، وسفك الدماء، فقد حذر صلى الله عليه وسلم كل من حضَرَ انْحِسارَ نهر الفرات، أو بلغه ذلك، أن لا يغتر بذلك، ولا يأخذ من هذا الحطام شيئاً.
وهذا المعنى هو الذي فهمه تابعي الحديث أبو صالح ذكوان السمان، إذ قال على إثر روايته له: «يا بني! إنْ أدركته، فلا تكونن ممن يقاتل عليه» ، وفي رواية: «إن رأيته، فلا تقربنَّه» .
وفي حديث أُبيّ: «فإذا سمع به الناس، ساروا إليه، فيقول مَنْ عندَه: لئن تركنا الناس يأخذون منه، ليُذهَبَنّ به كلِّه، فيقتتلون عليه» .
فلا حاجة إلى التكلف بعد ما ثبت في الحديث نفسه أن الكنز يبعث القتال والفتنة بين المسلمين، والذي يؤكّد ذلك ما ورد في آخر حديث أبي هريرة:
«ويقول كل رجل منهم: لَعَلِّي أكون أنا الذي أنجو» ؛ يعني: أنه يقتحم القتال مع ما يرى من شدته؛ لأنه يرجو أن يكون هو الناجي، فيفوز بالكنز دون غيره.
«وفيه كناية؛ لأن الأصل أن يقال: أنا الذي أفوز به، فعدل إلى (أنجو) ؛ لأنه إذا نجا من القتل يفوز بالمال وملكه» (?) ؛ «أي: يرجو كل واحد منهم أن