صحة الحديث-، وسيعود لما دللنا عليه من أن منع الخيرات سيسبق المهدي، وظفرتُ بكلام للإمام ابن القيم في «أحكام أهل الذمة» (?) فيه بيان وقوع الحديث على وجهٍ جليٍّ جدّاً، وهذا نص كلامه بحروفه:
«وكذلك في أيام الآمر بأمر الله امتدت أيدي النصارى، وبسطوا أيديهم بالجناية، وتفننوا في أذى المسلمين وإيصال المضرة إليهم، واستعمل منهم كاتب يعرف «بالراهب» ولقب بالأب القديس، الروحاني النفيس، أبي الآباء وسيد الرؤساء، مقدم دين النصرانية، وسيد البتركية، صفيّ الرب ومختاره، ثالث عشر الحواريين، فصادر اللعين عامة مَنْ بالديار المصرية من كاتب وحاكم وجندي وعامل وتاجر، وامتدت يده إلى الناس على اختلاف طبقاتهم، فخوفه بعض مشايخ الكتاب من خالقه وباعثه ومحاسبه، وحذّره من سوء عواقب أفعاله، وأشار عليه بترك ما يكون سبباً لهلاكه. وكان جماعة من كتاب مصر وقبطها في مجلسه، فقال مخاطباً له ومسمعاً للجماعة: نحن مُلاّك هذه الديار حرباً وخراجاً: ملكها المسلمون منا، وتغلبوا عليها، وغصبوها، واستملكوها من أيدينها، فنحن مهما فعلنا بالمسلمين فهو قبالة ما فعلوا بنا، ولا يكون له نسبة إلى من قتل من رؤسائنا وملوكنا في أيام الفتوح، فجميع ما نأخذه من أموال المسلمين وأموال ملوكهم وخلفائهم حِلّ لنا، وبعض ما نستحقه عليهم، فإذا حملنا لهم مالاً كانت المنة لنا عليهم. وأنشد:
بنت كرم غصبوها أمَّها ... وأهانوها فديست بالقدم
ثم عادوا حكّموها فيهمُ ... ولَناهيكَ بخصم يحتكم
فاستحسن الحاضرون من النصارى والمنافقين ما سمعوه منه، واستعادوه وعضوا عليه بالنواجذ حتى قيل: إن الذي اختاطَّ عليه قلم اللعين من أملاك المسلمين مئتا ألف واثنان وسبعون ألفاً ما بين دار وحانوت وأرض