بقي بعد ذلك إشكال يذكره الشراح، وهذه عبارة الكرماني (?) في صياغته وجوابه: «فإن قلت: أهل هذين الإقليمين، ليسوا على هذه الصفة. قلت: إما أن بعضهم كانوا بهذه الأوصاف في ذلك الوقت أو سيصيرون كذلك فيما بعد، وإما أنهم بالنسبة إلى العرب كالتوابع للترك، وقيل: إنّ بلادَهم فيها موضعٌ اسمُه كِرمان، وقيل: ذلك لأنهم متوجهون من هاتين الجهتين. [قال] الطيبي: لعل المراد بهما صنفان من الترك؛ كان أحد أصول أحدهما من خوز، وأحد أصول الآخر من كرمان» (?) .
ويعجبني كلام للعيني فيه رد على من دمج بين ما ذكرناه من فتنة التتر والمغول وقتال الفرس والكرد، وفرق بينهما في معرض حديثه عن (التتر) ، قال -رحمه الله تعالى-:
«كان أول خروج هذا الجنس متغلباً في جمادى الأولى سنة سبع عشرة وست مئة، فعاثوا في البلاد، وأظهروا في الأرض الفساد، وخربوا جميع المدائن حتى بغداد، وربطوا خيولهم إلى سواري الجوامع، كما في الحديث، وعبروا الفرات، وملكوا أرض الشام في مدة يسيرة، وعزموا على دخولهم إلى مصر، فخرج إليهم ملكها قطز المظفر، فالتقوا بين جالوت، فكان له عليهم من النصر والظفر كما كان لطالوت، فانجلوا عن الشام منهزمين، ورأوا ما لم يشاهدوه منذ زمان ولا حين، وراحوا خاسرين أذلاء صاغرين، والحمد لله رب العالمين.
ثم إنهم في سنة ثمان وتسعين ملك عليهم رجل يسمى غازان، زعم أنه من أهل الإيمان، ملك جملة من بلاد الشام، وعاث جيشه فيها عيث عباد