وذهب إلى ما قررتُ جمعٌ من شراح الحديث، وهذه عباراتهم التي تدل على ذلك:
قال الطيبي في «شرحه على المشكاة» (?) في (الفصل الثاني) من (باب الملاحم) في (كتاب الفتن) عند هذا الحديث، -وهو التاسع منه- ما نصه:
«الحديث التاسع عن أبي بكرة: قوله: «بغائط» . الغائط: الوادي المطمئن، وغاط في الأرض يغوط ويغيط إذا غار. قوله: «عند نهر يقال له: دجلة» ؛ أراد: النبي صلى الله عليه وسلم بهذه المدينة مدينة بغداد؛ فإن دجلة هي الشطّ، وجسرها في وسطها لا في وسط البصرة. وإنما عرفها النبي صلى الله عليه وسلم ببصرة؛ لأن بغداد [كانت] موضعاً خارجاً منه قريب من بابه يدعى بباب البصرة، فسمى النبي صلى الله عليه وسلم بغداد باسم بعضها، أو على حذف المضاف؛ كقوله -تعالى-: {وَاسْأَل القَريَةَ} . وبغداد ما كانت مبنية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الهيئة ولا كان مصراً من الأمصار؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ويكون من أمصار المسلمين» بلفظ المستقبل، بل كان في عهده صلى الله عليه وسلم قُرىً متفرقة سورت بعد ما خربت مدائن كسرى منسوبة إلى البصرة محسوبة من أعمالها، وأن أحداً لم يسمع إلى زماننا بدخول الترك بصرة قط على سبيل القتال والحرب. ومعنى الحديث: أن بعضاً من أمتي سينزلون عند دجلة فيتوطنون ثَمَّةَ، ويصير ذلك الموضع مصراً من أمصار المسلمين، وهو بغداد، فإذا كان في آخر الزمان جاء بنو قنطوراء فتقاتل أهل بغداد. وقال بلفظ: «جاء» دون يجيء؛ إيذاناً بوقوعه، فكأنه قد وقع» انتهى.
وتأمل تتمة الحديث؛ وهو:
«فيتفرق أهلها ثلاث فرق: فرقة يأخذون في أذناب البقر والبرية، هلكوا، وفرقة يأخذون لأنفسم، وهلكوا، وفرقة يجلعون ذراريهم خلف ظهورهم