كانت مُدَلَّلة مطبوعة مضحكة، فأصابها سهم دخل من بعض الشبابيك فقتلها، فانزعج الخليفةُ لذلك، وأحضر السهمَ بين يديه، فإذا عليه مكتوب: «إذا أراد اللهُ أن يُنفِذَ قضاءَه سَلَبَ ذوي العقول عقولَهم» ، فأمر عند ذلك بعمل ما يحول بين شبابيك الدَّار وبين الرُّماة، فعملت ستائر من ألواح الخشب.
وأما السلطان هولاكوقان فإنه وصل إلى ظاهر بغداد في ثاني عشر المحرم في جيش لا يُحصى عدده ولا ينفذ مَدَده، وقد أُغلقت أبواب السُّور، فعرف بذلك ضعفهم عن لقائه، فأمر بحفر خندق، فحُفر وبُني بترابه سور محيط ببغداد وعُمل له أبواب ورُتّب عليها أمراء المغول، وشَرَعوا في عمل ستائر للمناجيق، ونصبوا مجانيق والعَرَّادات، واستظهروا غايةَ الاستظهار، والناسُ يُشاهدون ذلك من السور، وقد نصبوا -أيضاً- عليه المجانيق إلا أنها لم تصح ولا حصل بها انتفاع، ثم إن السلطان أمر بعقد جسر تحت بغداد ليمنع من ينحدر إلى واسط، فعُقِد تحت قرية العقاب (?) ، ولم يعلم أهل بغداد به، فكانت السُّفن تصل إليه فيُؤخذ مَن بها، ويقتل، فقتل عنده خلق كثير، فلما كان اليوم الرابع عشر من المحرم، خرج الوزير مؤيد الدين ابن العلقمي إلى خدمة السلطان في جماعة من مماليكه وأتباعه، وكانوا ينهون الناس عن الرَّمي بالنشاب ويقولون: سوف يقع الصلح -إن شاء الله- فلا تحاربوا.
هذا وعساكر المغول يبالغون في الرمي، وقد اجتمع منهم خلق كثير على بُرج العَجَمي (?) ...........................................................