«وعدتم من حيث بدأتم» ؛ أي: كان في سابق علم الله -سبحانه وتعالى-، وتقديره: أنهم سيسلمون، فعادوا من حيث بدؤوا» .
قلت: وا عجبي من تأييده لهذا المعنى بما ورد في آخره: «وعدتم حيث بدأتم» (?) ! وعذره -وهو من وفيات سنة (516هـ) - أنه لم يشاهد ما شاهدناه، ولم يسمع بما سمعناه.
وقول البغوي هذا شبيه بما قدمناه قريباً عن البيهقي (?) ، وعلق ابن كثير (?) في «البداية والنهاية» (6/203) على تأييده هذا المعنى، بما ورد في آخره: «وعدتم حيث بدأتم» ، بقوله: «والعجب أن الحافظ أبا بكر البيهقي احتج به على ما رجّحه من أحد القولين المتقدمين، وفيما سلكه نظر، والظاهر خلافه» .
وقال صاحب «تكملة فتح الملهم» (6/291) :
«وهذا التفسير فيه نظر؛ لأن أهل هذه البلاد لم يكونوا يؤدّون الجزية إلى المسلمين قبل أن يفتتحها المسلمون، وأما بعد ما افتُتِحَتْ هذه البلاد، صار المسلمون هم ولاة هذه البلاد، فلا معنى لأداء هذه البلاد الجزية. ... نعم؛ كان الكفار من ساكني هذه البلاد يؤدون الجزية إلى ولاة المسلمين، ولم يثبت أن جميعهم أسلموا حتى سقطت عنهم الجزية رأساً» .
وأشار الشوكاني في «نيل الأوطار» (8/164) إلى رد هذا المعنى، فقال:
«وهذا الحديث من كلام النبوة لإخباره صلى الله عليه وسلم بما سيكون من ملك المسلمين هذه الأقاليم، ووضعهم الجزية والخراج، ثم بطلان ذلك؛ إما