ويظهر الغضب العام، ويفلت الزمام من بين يدي العقلاء، فضلاً عن العلماء، ويفقد العقل دوره وسيطرته على مجريات الأحداث، ويتزحزح عن مكانه في هذه (الحضرة الجهادية الهستيرية) ، تاركاً مكانه للاندفاعات العاطفية، والحماسات الشبابية، وللرؤى والمنامات (?) والإلهامات، فيجتمع عرس الشيطان، بتزاوج هذه العناصر معاً، وإذا بالناس يصحون على هول الكارثة، ولا يفرقون بين الإسلام وما يمارس باسمه، فتتسع الفجوة، وتنوء النفوس عن حمل الأمانة، وتتراجع الدعوة إلى الإسلام الصحيح، كما عايشناه وعايناه، وملأ أسماعنا وأبصارنا، وإلى الله عاقبة الأمور.
ومن أهم المهمات، وأوجب الواجبات: تقعيد التفريق بين (الجهاد الشرعي) و (العمل الثوري) .
فقد «تداخلت في الآونة الأخيرة إلى درجة الالتباس، مفاهيم (الثورة) التي خلّفتها أحداث متنوعة، ورسختها في الأذهان فلسفات سياسية وإنسانية شتى، مع مبدأ (الجهاد الشرعي) وأحكامه، في أذهان كثير من الناس.
ولعل من أهم العوامل التي سببت هذا التداخل والمزج (?) :
أولاً: وحدة الظروف التي تبعث على الرغبة في التغيير والإصلاح.
ثانياً: وحدة الحوافز النفسية -أيضاً-، وهي التي تنشأ عادة من تلك الظروف.
ثالثاً: عدم تحصيل العلم الشرعي، الذي يصقل صاحبه بشخصية متميزة، تنظر إلى الأمور نظرة واسعة، وتحسن تقدير مآلات الأفعال، والنتائج، والمصالح والمفاسد، من خلال سنة الله الكونية والشرعية، وتحقيق واجب