يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنا كنا نخوض ونلعب فقال: (أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ) إلى قوله: (مُجْرِمِينَ) ...
وقوله: (لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) أي: بهذا المقال الذي استهزأتم به. ا. هـ.
وقال الطبري: (لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) يقول -تعالى ذكره - لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم. قل لهؤلاء الذي وصفت لك صفتهم لا تعتذروا بالباطل فتقولوا: كنا نخوض ونلعب "قَدْ كَفَرْتُم" يقول: قد جحدتم الحق بقولكم ما قلتم في رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به "بَعْدَ إِيمَانِكُمْ" يقول: بعد تصديقكم به وإقراركم به ا. هـ.
رسوخ النفاق بدون قصد وشعور:
وقال ابن تيمية: (قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ...). فقد أمره أن يقول لهم: قد كفرتم بعد إيمانكم وقول من يقول عن مثل هذه الآيات: أنهم كفروا بعد إبمانهم بلسانهم مع كفرهم أولاً بقلوبهم لا يصح لأن الإيمان باللسان مع كفر القلب قد قارنه الكفر فلا يقال: قد كفرتم بعد إيمانكم فإنهم لم يزالوا كافرين في نفس الأمر، وإن أريد أنكم أظهرتم الكفر بعد إظهاركم الإيمان فهم لم يظهروا للناس إلا لخواصهم، وهم مع خواصهم ما زالوا هكذا ...
(وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ). فاعترفوا واعتذروا، ولهذا قيل: (لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ...) فدل على أنهم لم يكونوا عند أنفسهم قد أتوا كفراً بل ظنوا أن ذلك ليس بكفر، فبين أن الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر يكفر به صاحبه بعد إيمانه، فدل على أنه كان عندهم إيمان ضعيف ففعلوا هذا المحرم الذي عرفوا أنه محرم، ولكن لم يظنوه كفراً وكان كفراً كفروا به فإنهم لم يعتقدوا جوازه، وهكذا قال غير واحد من السلف: في صفة المنافقين الذين ضرب لهم المثل في سورة البقرة أنهم أبصروا ثم عموا وعرفوا ثم أنكروا وآمنوا ثم كفروا. وكذلك قال قتادة ومجاهد: ضرب المثل لإقبالهم على المؤمنين وسماعهم ما جاء به الرسول وذهاب نورهم (?) ا. هـ.