وقول الإمام الشنقيطي: "والآية التي نحن بصددها وإن كانت في المنافقين. فالعبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب".

ومن الأمثلة على هذا: حادثة ذي الخويصره التميمي أصل الخوارج عندما اعترض على قسمة النبي -صلى الله عليه وسلم- ونسبه إلى الجور -والعياذ بالله- وقال له: اعدل يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد قال هذا القول لأنهم كانوا لا يعتقدون: عصمة الأنبياء -عليهم السلام- ثم رأى منكراً في ظنه فأنكره فظهر نفاقه وكفره بهذا الإنكار، وهو لا يشعر ولا يعلم بكفره ونزل قول الله -تبارك وتعالى-: (وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ).

قال ابن تيمية في هذه الآية: واللمز: العيب والطعن قال مجاهد: يتهمك ويزريك. وقال عطاء: يغتابك وقال تعالى: (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ) [التوبة: 61]. الآية وذلك يدل على أن كل من لمزه أو آذاه كان منهم لأن (الذين) و (من) اسمان موصولان وهما من صيغ العموم. والآية وإن كانت نزلت بسبب لمز قوم أو إيذاء آخرين فحكمهما عام كسائر الآيات اللواتي نزلن على أسباب وليس بين الناس خلاف نعلمه أنها تعم الشخص الذي نزلت بسببه ومن كان حاله كحاله ..

وأيضاً فإن كونه منهم حكم متعلق بلفظ مشتق من اللمز والأذى وهو مناسب لكونه منهم فيكون ما منه الاشتقاق هو علة لذلك الحكم فيجب اطراده .. وذلك أن الإيمان والنفاق أصله في القلب وإنما الذي يظهر من القول والفعل فرع له ودليله عليه فإذا ظهر من الرجل شيء من ذلك ترتب الحكم عليه، فلما أخبر سبحانه أن الذين يلمزون النبي -صلى الله عليه وسلم- والذين يؤذونه من المنافقين ثبت أن ذلك دليل على النفاق وفرع له، ومعلوم أنه إذا حصل فرع الشيء ودليله حصل أصله المدلول عليه فثبت أنه حيثما وجد ذلك كان صاحبه منافقاً سواء كان منافقاً قبل هذا القول أو حدث له النفاق بهذا القول (?) ا. هـ.

قلت: ويدخل في هذا أيضاً من يظن من أهل الكلام أنه لا يحتاج إلى علم الشريعة إلا في الأمور العملية دون العلمية الاعتقادية -أي: أنه ليس في حاجة في علم العقيدة للشريعة ولا يتقيد بحدودها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015