وكقولِه: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} أي: هم الأعداءُ فَاحْذَرْهُمْ. وقد قَدَّمْنَا في هذه الدروسِ مِرَارًا: أن المقررَ في علومِ العربيةِ: أن المفردَ إذا كان اسمَ جنسٍ جازَ إطلاقُه مفردَ اللفظِ مُرَادًا به الجمعُ إذا دَلَّتْ على ذلك قَرَائِنُ (?). وهذا كثيرٌ في القرآنِ وفي كلامِ العربِ في الحالاتِ الثلاثِ، أعنِي بقولِي «في الحالاتِ الثلاثِ»: أن يكونَ مُنَكَّرًا، وأن يكونَ معرَّفًا بالألفِ واللامِ، وأن يكونَ مُضَافًا. فمثالُ إطلاقِ الجنسِ مُفْرَدًا مرادًا به الجمعُ مُنَكَّرًا في القرآنِ قولُه: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54)} [القمر: آية 54] يعني: وَأَنْهَارٍ، بدليلِ قولِه: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} [محمد: آية 15] وقوله: {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً} [الحج: آية 5] يعني أطفالاً. وقولُه: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: آية 74] أي: أئمةً. وقوله: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا} {النساء: آية 4] أي: أَنْفُسًا. وقولُه: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: آية 6] أي: وإن كنتم جنبين أو أجنابًا فَاطَّهَّروا. وقولُه جل وعلا: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (67)} [المؤمنون: آية 67] أي: سَامِرِينَ. وهو كثيرٌ في القرآنِ.
ومن أمثلتِه في القرآنِ واللفظُ معرَّفٌ بالألفِ واللامِ قولُه جل وعلا: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ} [الفرقان: آية 75] يعني: الغُرفَ. بدليلِ قولِه: {لَهُمْ غُرَفٌ مِّنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ} [الزمر: آية 20] {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ: آية 37] وقوله: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا} [النور: آية 31] يعني: الأطفال {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)} [القمر: آية 45] أي: الأَدْبَارَ.