الوجهُ الثاني من الإعرابِ: أن أحدَ المفعولين هو الجارُّ والمجرورُ في قولِه: {لِكُلِّ نِبِيٍّ} والمفعولُ الثاني هو قولُه: {عَدُوًّا} وعليه فيكونُ إعرابُ {شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ} أنه بدلٌ من {عَدُوًّا} هذانِ الإعرابانِ في الآيةِ (?) و (جعل) هنا بمعنَى (صَيَّرَ) أي: صَيَّرْنَا شياطين الإنسِ والجنِّ أعداءً لكلِّ نبيٍّ من الأنبياءِ.
و (جعل) تأتِي في كلامِ العربِ على أربعةِ أنحاءَ (?)، ثلاثةٌ منها في القرآنِ، والرابعُ موجودٌ في لغةِ العربِ وليسَ في القرآنِ:
الأولُ من الأقسامِ الأربعةِ: (جعل) التي بمعنَى (اعتقد) وهي تَنْصِبُ المبتدأَ والخبرَ مَفْعُولَيْنِ، وهي بمعنَى (اعتقدَ) ومنه قولُه: {وَجَعَلُوا الْمَلاَئِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ} [الزخرف: آية 19] وفي القراءةِ الأُخْرَى: {الذينَ هم عند الرحمنِ إِنَاثًا} (?) المعنىَ: اعتقدوا الملائكةَ إناثًا. فـ (جعل) هذه بمعنَى (اعتقد) وهي تنصبُ مَفْعُولَيْنِ أصلُهما مبتدأٌ وخبرٌ.
الثاني: (جعل) بمعنَى (صيَّر) كهذه التي عندنا: {جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ} [الأنعام: آية 112] أي: صَيَّرْنَا شياطينَ الإنسِ عدوًّا لكلِّ نَبِيٍّ. وهي أيضًا تنصبُ المبتدأَ والخبرَ مفعولين.