سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ} [البقرة: آية 7] وكما قال: {إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا}

[الكهف: آية 57] وقال هنا: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ} [الأنعام: آية 110] وذلك جزاء وفاق وعدل؛ لأَنَّ المعاصيَ ترينُ على القلوبِ وتطمسُها حتى لا تبصرَ حَقًّا.

وهذا هو الأظهرُ في معنَى قولِه: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ} حتى تزيغَ عن إدراكِ الحقِّ، ونقلبُ {أَبْصَارَهُمْ} حتى تزيغَ عن إداركِ الحقِّ {كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا} لأَجْلِ أنهم لم يُؤْمِنُوا بهذا القرآنِ {أَوَّلَ مَرَّةٍ} جاءهم به الرسولُ، فكان كفرُهم وزيغُهم الأولُ سَبَبًا للطبعِ على قلوبِهم، وتقليبُ قلوبِهم وأبصارهم عن الحقِّ. كقولِه: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: آية 5] {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} [النساء: آية 155] فالباءُ سَبَبِيَّةٌ. وكقولِه: {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ (125)} [التوبة: آية 125] {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)} [المطففين: آية 14] وهذا معنَى قولِه: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: آية 110] فـ {كَمَا} من حروفِ التعليلِ، ومعنَى نُقَلِّبُهَا: لأَجْلِ أنهم لم يؤمنوا به أولَ مرةٍ، فذلك الكفرُ يَجُرُّ إلى الخذلانِ وَطَمْسِ البصيرةِ، وتقليبِ القلوبِ والأبصارِ وَلَمَّا زَاغُوا أزاغَ اللَّهُ قلوبَهم.

وقولُه: {وَنَذَرُهُمْ} معناه: نَتْرُكُهُمْ.

وقولُه: {فِي طُغْيَانِهِمْ}: الطغيانُ في لغةِ العربِ: مجاوزةُ الْحَدِّ (?)، ومنه قولُه: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ} [الحاقة: آية 11] أي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015