للمسلمينَ. وهذا معنَى قولِه: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: آية 109].

{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110)} [الأنعام: آية110].

في هذه الآيةِ الكريمةِ كلامٌ كثيرٌ لعلماءِ التفسيرِ، وأقوالٌ كثيرةٌ (?)، أظهرُها وَأَوْلاَهَا بالصوابِ، وهو الحقُّ - إن شاء الله - الذي دَلَّتْ عليه آياتٌ كثيرةٌ من كتابِ اللَّهِ، وخيرُ ما يُفسَّرُ به القرآنُ القرآنُ: أن الكفارَ لَمَّا أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جهدَ أيمانِهم لئن جاءهم بعضُ الآياتِ المقترحاتِ ليؤمنن بها، وَبَيَّنَ اللَّهُ أنهم لا يؤمنونَ، كما هو واضحٌ في قراءةِ أبي عمرٍو وابنِ كثيرٍ وشعبةَ في روايةٍ: {إنها إذا جاءت} بِخَبَرٍ مؤكدٍ بـ (إن) بَاتٍّ أنهم لا يؤمنونَ، بَيَّنَ سببَ عدمِ هذا الإيمانِ، كأنه قال: إني قلتُ: إنهم لا يؤمنونَ، والسببُ في ذلك: أنهم أولُ مرةٍ قابلوا رُسُلِي بالكفرِ والعنادِ والتعنتِ فَطَمَسْتُ على قلوبِهم وخذلتُهم وطبعتُ عليها.

وهذا معنَى قولِه: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ} فلاَ تَعْقِلُ حقًّا {وَأَبْصَارَهُمْ} فلا تبصرُ حَقًّا.

فقولُه: {كَمَا} هنا تعليليةٌ (?): أي: لأنهم لم يؤمنوا بالقرآنِ أولَ مرةٍ؛ فَلأَجْلِ ما سبقَ منهم من العنادِ والتعنتِ طَمَسْنَا على قلوبِهم، وَقَلَّبْنَا أبصارَهم وقلوبَهم، وَاللَّهُ (جل وعلا) مقلبُ القلوبِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015