وإنزالُ الْمَنِّ والسَّلْوَى، وتفجيرُ الماءِ من الحَجَرِ ... إلى غيرِ ذلكَ مِمَّا قَصَّ اللَّهُ في كتابِه.
وجرت العادةُ في القرآنِ أن اللَّهَ يَمْتَنُّ على الموجودين في زمنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالنعمِ التي أَنْعَمَهَا على أسلافِهم الماضين، وكذلك يَعِيبُهُمْ بالمعائبِ التي صَدَرَتْ من أسلافِهم الماضين؛ لأنهم أمةٌ واحدةٌ؛ ولأنَّ الأبناءَ يتشرفون بفضائلِ الآباءِ، فكأنهم شيءٌ واحدٌ (?). ولذلك كان (جل وعلا) يَمْتَنُّ على هؤلاء بِنِعَمِهِ على الأسلافِ، وكذلك يَعِيبُهُمْ بما صَدَرَ من الأسلافِ؛ لأنهم جماعةٌ واحدةٌ.
وقوله: {الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} أي: التي أَنْعَمْتُهَا عليكم، كإنزالِ الْمَنِّ والسَّلْوَى، وتظليلِ الغمامِ، والإنجاءِ من فرعونَ ... إلى غيرِ ذلك.
{وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} المصدرُ الْمُنْسَبِكُ من (أَنَّ) وَصِلَتِهَا في مَحَلِّ نصبٍ عَطْفًا على {نِعْمَتِيَ} أي: اذْكُرُوا نِعْمَتِي وَتَفْضِيلِي إياكم على العالمين (?). و «العالَمون»: جمعُ عَالَمٍ، وهو يُطْلَقُ على ما سِوَى الله (?). والدليلُ على أنه يشملُ أهلَ السماءِ والأرضِ من المخلوقين: قولُه (جل وعلا): {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24)} [الشعراء: الآيتان 23، 24]