الحصرِ، وهذا معنى قوله: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: آية 46].
{يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: آية 47].
{يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} معناه: يَا أَوْلاَدَ يعقوبَ، وإسرائيلُ معناه في العبريةِ: عبدُ اللَّهِ، وإسرائيلُ هو يعقوبُ بنُ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ (عليهم وعلى نبينا الصلاةُ والسلامُ)، وإنما نَادَاهُمْ بهذا النداءِ: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} وَنَسَبَهُمْ إلى هذا النبيِّ الكريمِ ليبعثهم بذلك على امتثالِ الأمرِ واجتنابِ النهيِ، كما تقولُ العربُ لمن يستحثونَه للأمرِ: يا ابنَ الكِرَامِ افْعَلْ كذا.
وقوله: {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ} المرادُ بالذِّكْرِ هنا: ذِكْرٌ يَحْمِلُ على الشُّكْرِ، وَمِنْ شُكْرِ تلك النعمةِ المأمورِ به: تصديقُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم واتباعُه فيما جاء به. و {نِعْمَتِيَ}: اسمُ جنسٍ مضافٌ إلى معرفةٍ، واسمُ الجنسِ إذا أضيفَ إلى معرفةٍ فهو من صِيَغِ العمومِ كما تَقَرَّرَ في الأصولِ (?)، فمعنى نِعْمَتِي: أي: نِعَمِي، كقولِه: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا} [النحل: آية 18] أي: نِعَم اللَّهِ لا تُحْصُوهَا، وكقوله: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: آية63]، أي: أَوَامِرِهِ، ومن هذه النعمِ التي ذكَّرَهُمْ بِهَا حَمْلاً على شُكْرِهَا: إنجاؤهم من عَدُوِّهِمْ فرعونَ، وإغراقُ عدوهم وهم ينظرون، ومنها: تظليلُ الغمامِ عليهم،