والأَيْمَانُ: جمعُ اليمينِ، وَأَوْكَدُ الأيمانِ وأغلظُها هو ما كان بِاللَّهِ، وهم كانوا يحلفونَ بِآلِهَتِهِمْ وأصنامِهم، وإذا أَرَادُوا جهدَ اليمينِ وتوكيدَها وإغلاظَها حَلَفُوا بِاللَّهِ (?).
وقولُه جل وعلا: {لَئِنْ جَاءتْهُمْ آيَةٌ} أَيْ: لئن جاءتهم آيةٌ من الآياتِ التي اقْتَرَحُوهَا، أما الآياتُ التي لم يَقْتَرِحُوهَا فقد جاءتهم بكثرةٍ، وأعظمُ الآياتِ: هذا القرآنُ العظيمُ؛ لأنه آيةٌ عُظْمَى ومعجزةٌ كُبْرَى باقيةٌ تترددُ في آذانِ الناسِ إلى يومِ القيامةِ؛ ولأَجْلِ أنه أعظمُ الآياتِ، وأكبرُ المعجزاتِ، أَنْكَرَ اللَّهُ في سورةِ العنكبوتِ على مَنْ لَمْ يَكْتَفِ به، وطلبَ آيةً غيرَه، حيث قال: {وَقَالُوا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (50)} ثم قال مُنْكِرًا عليهم: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51)} [العنكبوت: الآيتان 50، 51] فإنكارُه على مَنْ لَمْ يَكْتَفِ بأكبرِ الآياتِ وأعظمِها، وهو هذا القرآنُ العظيمُ دليلٌ على أنه أعظمُ آيةٍ.
والآياتُ التي سَأَلُوهَا وَاقْتَرَحُوهَا، إنما اقْتَرَحُوهَا تَعَنُّتًا وَعِنَادًا، لاَ طَلَبًا للحقِّ؛ ولذا قال جل وعلا: {لَئِنْ جَاءتْهُمْ آيَةٌ} هذه صورةُ إقسامِهم حَكَاهَا اللَّهُ من غيرِ حكايةِ لفظِهم؛ لأنه لو حَكَى لفظَهم لقالَ: «لَئِنْ جَاءَتْنَا آيةٌ لَنُؤْمِنَنَّ بِهَا» فَحَكَى القصةَ بالمعنَى لاَ باللفظِ. أَقْسَمُوا جَاهِدِينَ قائلين: لئن جاءتهم آيةٌ من الآياتِ التي اقْتَرَحُوهَا، كَأَنْ يجعلَ اللَّهُ لهم الصَّفَا ذَهَبًا، أو يبعثَ لهم قُصَيًّا لِيُكَلِّمَهُمْ، أو يأتيَهم بالملائكةِ، أو يشقَّ عنهم جبالَ مكةَ ويباعدَها ليزرعوا في