فَيُقْسِمُ أحدُ الطرفين ليقويَ خبرَه ويؤكدَه.

ومعنَى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ} حَلَفُوا بِاللَّهِ قائلين: وَاللَّهِ لئن جَعَلْتَ لنا الصَّفَا ذَهَبًا لَنُؤْمِنَنَّ بِكَ وَلَنَتَّبِعَنَّكَ.

وقولُه: {جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} معناه: أقسموا جهدَ أيمانهم، أي: غايةَ ما يمكنُهم من تغليظِ اليمينِ وتوكيدِها، و (جَهْدُ اليمينِ) معناه: بُلُوغُ غايةِ ما يمكنُ من تغليظِها وتوكيدِها (?).

وفي إعرابِ قولِه: {جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} أَوْجُهٌ من الإعرابِ (?):

أعربها بعضُ العلماءِ مفعولاً مُطْلَقًا بالمعنَى من: {وَأَقْسَمُوا} أي: فَهِيَ ما نابَ عن المطلقِ، كما تقولُ: ضربَه أشدَّ الضربِ، وسارَ أشدَّ السيرِ، وأقسمَ أشدَّ الإقسامِ.

فمعنَى: {جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} أَوْكَدُ أقسامِهم وأغلظُها. وعلى هذا فهو مفعولٌ مطلقٌ بالمعنَى، ما نابَ عن المطلقِ من: {وَأَقْسَمُوا} لأَنَّ معنَى {جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} أَشَدُّ إقساماتِهم وأغلظُها وَأَوْكَدُهَا.

الوجهُ الثاني مِنْ أَوْجُهِ الإعرابِ: أنه حالٌ. أي: أَقْسَمُوا بِاللَّهِ في حالِ كونِهم جَاهِدِينَ في تغليظِ أيمانِهم وتوكيدِها. ولاَ يُنَافِي هذا أن الحالَ تكونُ نكرةً، وأن المصدرَ المؤولَ بالحالِ هنا مضافٌ إلى معرفةٍ؛ لأَنَّ الحالَ إِنْ عُرِّفَتْ لَفْظًا فهي مُنَكَّرةٌ معنًى، كما قال في الخلاصةِ (?):

وَالْحَالُ إِنْ عُرِّفَ لَفْظًا فَاعْتَقِدْ ... تَنْكِيرَهُ مَعْنًى كَوَحْدَكَ اجْتَهِدْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015