الصحيحين من حديثِ أبي بَكْرَةَ: «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ». قالوا: يَا رسولَ اللَّهِ قد عَرَفْنَا القاتلَ، فما بالُ المقتولِ؟ يعنِي: بأي ذَنْبٍ دخلَ المقتولُ النارَ، وهو لم يَقْتُلْ أحدًا. فَبَيَّنَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن العملَ الذي دخلَ به النارَ هو عزمُه المُصَمِّمُ على قتلِ أَخِيهِ؛ ولذا قال مُجِيبًا لقولِهم: فما بالُ المقتولِ؟ قال لهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبهِ» (?).
فهذا الحديثُ المتفقُ عليه يُبَيِّنُ أن العزمَ المُصَمِّمَ الذي لم يَمْنَعْ صَاحِبَهُ منه إلا العجزُ عنه أنه فِعْلُ قلبٍ يُؤْخَذُ به صاحبُه، ويدخلُ به النارَ.
ومن هذا النوعِ هَمُّ امرأةِ العزيزِ، أما هَمُّ يوسفَ على القولِ به فهو مَيْلٌ طبيعيٌّ مَزْمُومٌ بالتقوى، فَبَيْنَ هَمِّهِ وهمِّهَا الفرقُ (?).
ومن هذا الهَمِّ الذي لا يُؤَاخَذُ به: ما ثَبَتَ في الحديثِ الصحيحِ: «وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ كَامِلَةٌ» (?)؛ لأنها خطراتٌ تخطرُ في القلبِ يَزُمُّهَا التقوى.
ومن ذلك النوعِ قولُه تعالى في بَنِي سلمةَ