رِبًا، وَآكِلُ الرِّبَا محاربُ اللَّهِ؛ لأَنَّ أكلَ الربا هو محاربةُ اللَّهِ، ومن أعظمِ الدَّوَاعِي للغَلَبَةِ في الجهادِ أَكْلُ الرِّبَا؛ لأَنَّ آكِلَ الربا محاربُ اللَّهِ، ومحاربُ اللَّهِ لا يُفْلِحُ ولا ينجحُ، وَاللَّهُ يقولُ في مُحْكَمِ كتابِه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ (278) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: الآيتانِ 278 - 279] فلما كان آكِلُ الرِّبَا حَرْبًا لِلَّهِ ولرسولِه، لا يمكنُ أن يكونَ مُجَاهِدًا من حزبِ اللَّهِ ورسولِه؛ لأن الضِّدَّيْنِ لاَ يجتمعانِ. وهذا هو مرادُ عائشةَ (رضي الله عنها)؛ لأنه إن لم يَرْجِعْ عن هذا أَبْطَلَ جِهَادَهُ.

وهذا معنَى قولِه: {وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: آية 108] في هذه الآيةِ الكريمةِ سؤالٌ عربيٌّ معروفٌ، وهو أن لفظَ {الَّذِينَ} ولفظَ {يَدْعُونَ} مِنْ خَوَاصِّ العقلاءِ، ومعبوداتُهُمْ أصنامٌ وحجارةٌ لاَ تعقلُ، فكيف يُعَبَّرُ عنها بـ {الَّذِينَ يَدْعُونَ} التي هي صفةُ العقلاءِ الذكورِ؟

والجوابُ عن هذا: أن القاعدةَ المقررةَ في علمِ العربيةِ أَنَّ كُلَّ شيءٍ غيرِ عاقلٍ إذا نَزَّلَهُ بعضُ الناسِ منزلةَ العاقلِ، أو وَصَفَهُ ببعضِ صفاتِ العاقلِ أنه يُجْرَى مَجْرَى العاقلِ (?)؛ ولذا قال تعالى في رُؤْيَا يوسفَ: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4)} [يوسف: آية 4]، فجاءَ بـ {سَاجِدِينَ} الذي هو جمعُ مذكرٍ سالمٍ يختصُّ بالعقلاءِ، للكواكبِ والشمسِ والقمرِ؛ لأنه وَصَفَهُمْ بالسجودِ، والسجودُ مِنْ خَوَاصِّ العقلاءِ؛ ولهذا المعنَى قال تعالى عن السماواتِ والأرضِ: {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11)} [فصلت: آية 11] لأَنَّ السماواتِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015