[الملك: الآيتان 3، 4]، أي: مِنْ عِظَمِ مَا رَأَى؛ ولذا قال هنا: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [الأنعام: آية 101]، أي خالقُ السماواتِ والأرضِ، ومخترعُهما وَمَنْ فِيهِمَا.

{أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ} وهذه الآيةِ يُفهم منها أن الْمُلْكَ والوَلَدِيةَ لا يمكنُ أن يَجْتَمِعَا؛ لأنهم لَمَّا ذَكَرُوا له الولدَ كان من رَدِّهِ عليهم: أنه مخترعُ الأرضِ والسماءِ. أي: وَمَنْ فِيهِمَا، وصانعُ الشيءِ هو مَالِكُهُ، والولدُ لا يكونُ مَمْلُوكًا أبدًا (?).

وَجَرَتِ العادةُ في القرآنِ: بأن اللَّهَ يَرُدُّ على الكفرةِ في ادعاءِ الولدِ بأنه مَالِكُ كُلِّ شيءٍ، وأن الخلقَ عَبِيدُهُ، كما قال: {بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ (26)} لأن العبدَ لا يمكنُ أن يكونَ وَلَدًا.

ومن هذه الآياتِ القرآنيةِ أَخَذَ العلماءُ أن الإنسانَ إذا مَلَكَ ولدَه - بأن تزوجَ أمةً لغيرِه، وكان ولدُه رقيقًا وَاشْتَرَاهُ - أنه يَعْتِقُ عليه بنفسِ الْمِلْكِ، ولا يمكنُ أن يملكه؛ لأن الملكيةَ والولديةَ مُتَنَافِيَانِ (?)؛ ولذا قال هنا: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ}.

{أَنَّى} هنا: هذا استفهامٌ للاستبعادِ والإنكارِ والنفيِ. لا يمكنُ أن يكونَ له وَلَدٌ؛ لأن كُلَّ ما في السماواتِ والأرضِ إنما هو خلقُه وَمِلْكُهُ، فكيفَ سيكونُ له وَلَدٌ من صُنْعِهِ ومُلْكِهِ الذي خَلَقَهُ وَأَبْرَزَهُ من العدمِ إلى الوجودِ.

{وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ} أي: امرأةٌ. لأنه يَتَنَزَّهُ (جل وعلا) عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015