جناتٍ من نخيلٍ وأعنابٍ. ولم يَقُلْ: وجناتٌ من أعنابٍ؛ لأن جناتِ الأعنابِ ليست من قِنْوَانِ النخيلِ. ولو رُفِعَ في قولِه: «وجناتٌ من أعنابٍ» لَصَارَ المعنَى: من النخلِ قِنْوَانٌ دانيةٌ، ومن النخل جناتٌ من أعنابٍ. وهذا لا يَصِحُّ. وعلى بعضِ القراءاتِ: {وَجَنَّاتٌ} بالرفعِ، قالوا: يُقَدَّرُ له محذوفٌ. أي: ولهم من نِعَمِهِ - جل وعلا - جَنَّاتٌ من أَعْنَابٍ (?).
(الجنات) جمع الجنةِ، والجنةُ في لغةِ العربِ: البستانُ (?). ومنه قولُه تعالى: {أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا} [القلم: آية 17]، هو بستانٌ معروفٌ وَقَعَتْ فيه هذه القضيةُ. أصلُ الجنةِ: البستانُ. والعربُ تُسَمِّي كُلَّ بستانٍ (جنةً). وهو معروفٌ في كلامِ العربِ، ومنه قَوْلُ زُهَيْرٍ (?):
كَأَنَّ عَيْنَيَّ فِي غَرْبَيْ مُقتَّلَةٍ ... مِنَ النَّوَاضِحِ تَسْقِي جَنَّةً سُحُقَا
يعني: بستان نخلٍ نخلُه طِوَالٌ؛ لأَنَّ السُّحُقَ: جمع سَحُوقٍ، وهو النخلةُ الطويلةُ. هذا أصلُ الجنة في لغةِ العربِ.
وهي في اصطلاحِ الشرعِ: دارُ الكرامةِ التي أَعَدَّ اللَّهُ لعبادِه المؤمنين، فيها ما لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ على قلبِ بشرٍ {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)} [السجدة: آية 17].