قصةِ قتيلِ بَنِي إسرائيلَ (?)؛
لأنه لَمَّا أرادَ اللَّهُ أن يُحْيِيَهُ قال لهم: اذْبَحُوا بَقَرَةً، فَذُبِحَتِ البقرةُ، وصارت ميتةً، وَقُطِعَتْ منها وصلةٌ وهي ميتةٌ، قطعةٌ مِنْ بقرةٍ [11/ب] ميتةٍ، ليس فيها من الحياةِ شيءٌ، فضربوه بها فَحَيِيَ، / وأخبرَهم بقاتلِه!! لو ضَرَبُوهُ بالبقرةِ حيةً لربما قال جاهلٌ: قَدِ اسْتَفَادَ الحياةَ منها، وَسَرَتْ حياتُها فيه!! أما هو فقد أَمَرَهُمْ أن يُمِيتُوهَا وَيَذْبَحُوهَا ويضربوه بقطعةٍ منها فَحَيِيَ!! فَمِنْ أَيْنَ وُجِدَتْ هذه الحياةُ من هذا الضربِ بقطعةٍ من بقرةٍ ميتةٍ؟ وذلك برهانٌ قاطعٌ على أن اللَّهَ يسببُ ما شاءَ على ما شاءَ من الأسبابِ؛ وَلأَجْلِ هذا قال: {فَأَخْرَجْنَا بِهِ} أي: بِسَبَبِهِ {نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ}.
قولُه: {نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ} أي: جميعَ أصنافِ النباتاتِ مِمَّا يأكلُه الناسُ والأنعامُ، كما قال جل وعلا: {كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ} [طه: آية 54]، فَيُنْبِتُ للناسِ أنواعَ النباتِ مما هو قوتٌ كالقمحِ والشعيرِ ونحوِهما، وَمِمَّا هو فاكهةٌ، وينبتُ لهم المرعى لحيواناتهم؛ لأن الحيواناتِ إذا أَكَلَتِ المرعى المليءَ كَثُرَتْ ألبانُها وأزبادُها وأسمانُها ولحومُها وَكَثُرَتْ جُلُودُهَا وأصوافُها وأوبارُها وأشعارُها، إلى غيرِ ذلك من منافعِها بسببِ الماءِ؛ ولذا قال: {فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ}.
{فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ} أي: من نباتِ كُلِّ شَيْءٍ.
{خَضِرًا} الخَضِرُ: هو صفةٌ مشبهةٌ من (خَضِرَ) فهو (خَضِرٌ وأَخضَرُ). والمرادُ بالخَضِرِ هنا: الذي يَنْبُتُ أخضرَ كالبقولِ