{فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا} وقد ثَبَتَ في صحيحِ مسلمٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في تلك السحابةِ - التي أَنْزَلَهَا اللَّهُ ليلاً - أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَسَمِعْتُمْ مَا قَالَ رَبُّكُمُ الْبَارِحَةَ؟ قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ. أَمَّا الَّذِينَ قَالُوا: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ، فَهَذَا مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا الَّذِي قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا، فَهُوَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ» (?).
ومثلُه الذي يقولُ: مُطِرْنَا ببخارِ كذا!! لأن السحابَ يُنْزِلُهُ مَلَكٌ مُقْتَدِرٌ، يخلق ماءَه أَوَّلاً. وَبين خلقَه قال: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا} أي: يَسُوقُهُ: {ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ} يَضُمُّ بعضَه إلى بعضٍ {ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا} مُتَرَاكِبًا يَعْلُو بعضُه فوقَ بعضٍ {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ} [النور: آية 43]، جَمْعُ خَلَلٍ، أي: مِنْ ثُقُوبِ الْمُزْنِ وفروجِه: ينزل منها؛ لأنه يجعلُ وعاءَه كالغرابيلِ؛ ينزلُ منها المطرُ، على قَدْرِ ما يشاءُ اللَّهُ جل وعلا: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا (50)} [الفرقان: آية 50].
هَبْ أن الماءَ خُلِقَ، وأن المطرَ أُنْزِلَ على هذا الأسلوبِ الغريبِ العجيبِ، مَنْ هو الذي يَقْدِرُ أن يشقَّ الأرضَ وَيُخْرِجَ منها مسمارَ النباتِ؟
هَبْ أَنَّ مسمارَ النباتِ خَرَجَ، مَنْ هُوَ الذي يَقْدِرُ أن يشقَّه ويخرجَ منه السنبلةَ؟