مَذْكُورٍ (?). فَإِنْ يَكْفُرْ بالنبوةِ، كنبوةِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، التي هي مِنْ جِنْسِ نبوتِهم، كما صَرَّحَ به فِي قولِه: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: آية 163] وقال بعضُ العلماءِ: الضميرُ فِي {بِهَا} راجعٌ إلى المذكوراتِ الثلاثِ، وهي: النبوةُ والحكمُ والكتابُ (?). {آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ}
بالثلاثةِ {هَؤُلاَءِ} يعني: كفارَ مكةَ، الذين كَذَّبُوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - (?). ولا شَكَّ أَنَّ اللَّهَ أعطاهُ النبوةَ، وأعطاهُ الحكمَ، وأعطاهُ الكتابَ. فإن كَفَرُوا بنبوتِه وحكمِه وكتابِه: {فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا} أي: بالنبوةِ أو بالمذكوراتِ {قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} كأن معنَى الآيةِ: يقولُ اللَّهُ: إِنْ كان هؤلاءِ تَمَرَّدُوا وَكَذَّبُوا رُسُلِي وَكَفَرُوا بِي وَلَمْ يَعْبُدُونِي فَلِي قومٌ آخَرُونَ غيرهم يَعْبُدُونَنِي وَيُوَحِّدُونَنِي كما ينبغي. وقولُه: {فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا} أي: وَفَّقْنَاهُمْ للإيمانِ بها. أي: بالنبوةِ. أو: النبوةِ والْحُكْمِ والكتابِ. ومعنىَ وَكَّلْنَاهُمْ بها: أي: وَفَّقْنَاهُمْ لَهَا، وَهَيَّأْنَاهُمْ لَهَا، حتى كانوا يقومونَ بها، ويحافظونَ عليها، كما يقومُ الوكيلُ بما أُسْنِدَ إليه. وهذا معنَى قولِه: {فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} بل هم مؤمنونَ بها بقلوبِهم وألسنتِهم وجوارحِهم.
وهؤلاء القومُ المؤمنونَ- الذين هم لَيْسُوا بها بكافرينَ، الذين وَكَّلَهُمُ اللَّهُ بالإيمانِ بها- للعلماءِ فيهم أَوْجُهٌ مِنَ التفسيرِ، لا يُكَذِّبُ بَعْضُهَا بَعْضًا (?).