[الأنعام: آية 84] إلى آخِرِ مَنْ عَدَّ منهم. أولئك الرسلُ الكرامُ: نوحٌ وإبراهيمُ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُمْ: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ} أي: أَعْطَيْنَاهُمُ {الْكِتَابَ} أي: جِنْسَ الكتابِ، الصادقَ بصحفِ إبراهيمَ، وتوراةِ موسى، وإنجيلِ عيسى، وزبورِ داودَ، ونحوِ ذلك. وهذا معنَى قولِه {أُولَئِكَ} الرسلُ المذكورونَ {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ} أي: أَعْطَيْنَاهُمُ {الْكِتَابَ} أي: جِنْسَهُ الصادقَ بالكتبِ المنزلةِ عليهم.

وقولُه: {وَالْحُكْمَ} قال بعضُ العلماءِ: الحكمُ هو الْفَهْمُ في الدينِ، والفصلُ بَيْنَ الخصومِ. ومعنَى الحكمِ على هذا: هو فَهْمُ الكتابِ، والاطلاعُ على دَقَائِقِهِ (?)، والعملُ بما فيه.

وقولُه: {وَالنُّبُوَّةَ} هو مصدرٌ مَعْنَوِيٌّ، معناه: أن اللَّهَ جَعَلَهُمْ أَنْبِيَاءَ.

و (النبوةُ) أصلُها مِنَ (النَّبَأِ)، و (النبأُ) في لغةِ العربِ: الخبرُ الذي له شَأْنٌ وَخَطْبٌ. لا تكادُ العربُ تُطْلِقُ (النبأَ) إِلاَّ على الخبرِ الذي له شَأْنٌ. تقولُ: «جاءنا نبأُ الأميرِ». ولا تقولُ: «جاءنا نَبَأُ حِمَارِ الحجامِ»؛ لأَنَّ هذا لا شأنَ له ولا خَطْبَ. فالنبأُ أخصُّ من الخبرِ؛ لأَنَّ كُلَّ نبأٍ خبرٌ، وليس كُلُّ خَبَرٍ نبأً؛ لاختصاصِ (النبأِ) عادةً بالخبرِ الذي له شَأْنٌ؛ وذلك لأَنَّ الأنبياءَ يُخْبِرُهُمُ اللَّهُ عن طريقِ الوحيِ أخبارًا لها شأنٌ وَأَمْرٌ عظيمٌ، خِلاَفًا لِمَنْ زَعَمَ أن (النبوةَ) و (النبيَّ) أنها من (النَّبْوَةِ) بمعنَى: الارتفاعِ؛ لارتفاعِ شأنِهم بما أَوْحَاهُ اللَّهُ إليهم. وهذا معنَى قولِه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ}.

ثم قَالَ: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاَءِ} الضميرُ في قولِه: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاَءِ} قال بعضُ العلماءِ: عائدٌ إِلَى النبوةِ؛ لأَنَّهَا أقربُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015