لَنْ يموتَ حتى يَلِدَ يعقوبَ فليس من المعقولِ يُؤْمَرُ بذبحِه وهو صغيرٌ!! وهذا مَعْرُوفٌ.
أما الآيةُ الأُخْرَى التي هِيَ في الصافاتِ فهي واضحةٌ جِدًّا في ذلك؛ لأَنَّ اللَّهَ قال: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} [الصافات: آية 102] حتى جَاءَ بقصةِ إسماعيلَ الذبيحِ تَامَّةً، قال بَعْدَهَا لَمَّا أَنْهَاهَا: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ (113)} [الصافات: الآيتان 112، 113]. فَصَارَ صريحُ القرآنِ أَنَّ الذبيحَ غيرُ إسحاقَ، حيثُ قَالَ في ذلك الغلامِ: {بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} [الصافات: الآيتان 101، 102] حَتَّى انْتَهَى من قصتِه، وَجَاءَ بقصةِ إسحاقَ مستقلةً بَعْدَهَا، حيثُ قال: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ} ... [الصافات: الآيتان 112، 113]. وهذه الآيةُ الكريمةُ يُفْهَمُ منها معنًى أَوْضَحَهُ اللَّهُ في سورةِ مريمَ؛ ذلك أنه قال هنا إِنَّ إبراهيمَ سَفَّهَ أَحْلاَمَ قومِه، وَعَادَاهُمْ وَكَفَّرَهُمْ وَضَلَّلَهُمْ، حتى اضطره ذلك إلى الخروجِ عنهم، والهجرةِ إلى بلادِ الشامِ، كما يأتِي في قولِه: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي} [العنكبوت: آية 26] وَكَانَ فِي قريةٍ بسوادِ العراقِ تُسَمَّى (كوثى) (?).
لَمَّا هَجَرَ قومَه وخرجَ من الوطنِ في اللَّهِ عَوَّضَهُ اللَّهُ عنهم قرةَ عينٍ تُؤْنِسُهُ، وهي الأولادُ الصالحونَ الكرامُ، يَخْلُفُونَ له الوطنَ والأقاربَ؛ لأنه لَمَّا ذَكَرَ قِصَّتَهُ معهم هنا قال بعدَها: {وَوَهَبْنَا لَهُ