ممنوعةٌ بتاتًا. وقد دَلَّتِ السنةُ الصحيحةُ على أن الشفاعةَ للكفارِ خرج منها فردٌ واحدٌ لاَ نظيرَ له، وهو ما ثَبَتَ في الصحيحين: أن شفاعةَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَفَعَتْ أَبَا طَالِبٍ، مع أنه ماتَ كافرًا. إلا أن هذا النفعَ لهذا الكافرِ الذي هو وحيدٌ لم يكن له نَظِيرٌ، إنما كان في نَقْلٍ من موضعٍ من النارِ إلى موضعٍ آخَرَ أَخَفَّ منها؛ وَلِذَا ثَبَتَ في الصحيحين: «لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، لَهُ نَعْلاَنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ» (?). والعياذُ بالله جل وعلا.

فهذه شفاعةٌ خاصةٌ نَفَعَ اللَّهُ بها كافرًا نفعًا مخصوصًا، وهو نقلُه من مَحَلٍّ من النارِ إلى مَحَلٍّ أخفَّ منه من النارِ والعياذُ بالله جل وعلا.

وهذا معنى قولِه: {لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ} الشفيعُ المنفيُّ هنا: هو الشفيعُ الذي يشفعُ لكافرٍ، أو يشفعُ بغيرِ إِذْنِ اللَّهِ (جل وعلا). أما الذي يشفعُ بإذنِ اللَّهِ للمؤمنِ فهذا ثابتٌ كِتَابًا وَسُنَّةً.

وأنواعُ الشفاعةِ كثيرةٌ، وليست مخصوصةً بالأنبياءِ، بل يشفعُ الصالحونَ والمؤمنونَ وغيرُهم مِمَّنْ أَرَادَ اللَّهُ أن يُشَفِّعَهُ فيمن شَاءَ من خَلْقِهِ.

قولُه: {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} في (لعل) هنا وَجْهَانِ بَيَّنَّاهُمَا:

أحدُهما: أنها للتعليلِ (?)، وعليه فالمعلل هو الإنذارُ المذكورُ في قولِه: {وَأَنذِرْ بِهِ} أي: أَنْذِرِ الذين يخافونَ، أَنْذِرْهُمْ لأَجْلِ أن يتقوا. أي: لأَجْلِ أَنْ يُؤَثِّرَ فيهم ذلك الإنذارُ ويخوفهم فيتقونَ اللَّهَ جل وعلا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015