وطلب ربَّه والتجأَ إليه في أهلاكِهم فَأَهْلَكَهُمْ {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (75)} [الصافات: الآية 75]، {فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (170)} [الشعراء: الآية 170] ونحوها من الآياتِ، وقد قال نوحٌ: {وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا (27)} الآيات [نوح: الآيتان 26، 27]، وما دعا عليهم نوحٌ حتى أَوْحَى اللَّهُ إليه أنه لا يؤمنُ منهم أحدٌ، وأن الأملَ في الخيرِ منهم انقطعَ في قولِه: {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ} [هود: الآية 36] فعندَ ذلك دعا عليهم.
{وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ} أُرْسِلَ إبراهيمُ إلى نمرود وقومِه في سوادِ العراقِ، وقد صَرَّحَ اللَّهُ بأنه أرسل إبراهيمَ كما صَرَّحَ بذلك في قولِه: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} [الحديد: الآية 26]، وَذَكَرَ اللَّهُ تفاصيلَ قصتِه مع قومِه في آياتٍ كثيرةٍ، وَبَيَّنَ أنه جاء إلى قومٍ يدعوهم إلى التوحيدِ في سورةِ العنكبوتِ في قولِه مصحوبًا بقصةِ نوحٍ: {فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14) فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ (15)} [العنكبوت: الآيتان 14، 15]، {وَإِبْرَاهِيمَ} أي: وَأَرْسَلْنَا إبراهيمَ {إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (16) إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} إلى قولِه: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ} [العنكبوت: الآيات 16 - 24] وقد أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أن يتلوَ على هذه الأمةِ قصةَ إبراهيمَ مع قومِه في سورةِ الشعراءِ في قولِه: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ