{أَوْ مَغَارَاتٍ} المغاراتُ جمع مغارةٍ، والمغارةُ: هي الغيرانُ في الجبالِ. المغارةُ: الغارُ في الجبلِ، وهو بفتحِ الميمِ. والتحقيقُ أن أصلَ أَلِفِهِ منقلبةٌ عن واوٍ؛ لأن المغارةَ من غَارَ يَغُورُ إذا انْحَدَرَ في أسفلَ، ومنه {إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا} [الملك: آية 30] أي: غَائِرًا. وَكُلُّ غائرٍ مُنْسَفِلٍ فهو غَوْرٌ. ومعنى مغارةٍ: أي: غارًا منسفلاً ينحدرونَ في أسفلِه ويختفونَ فيه عنكم.

{أَوْ مُدَّخَلاً} قراءةُ السبعةِ وجمهورِ القراءِ غيرِهم: {مُدَّخَلاً} والمُدَّخَلُ أصلُ وزنِه [مفتعلاً] من دَخَلَ، أصلُه {مُدْتَخَل} بِالتَّاءِ، أُبْدِلَتِ التاءُ دَالاً وَأُدْغِمَتِ الدالُ في الدالِ (?). والمُدَّخَلُ هو المكانُ الذي يُدْخَلُ فيه كالسَّرَبِ والنفقِ في باطنِ الأرضِ. أي: لو يَجِدُونَ غيرانًا في الجبالِ أو أَنْفَاقًا وسروبًا في داخلِ الأرضِ يدخلونَ فيها، أو مَلْجَأً يعتصمونَ به لَوَلَّوْا [9/أ] رَاجِعِينَ إليه عنكم / {وَهُمْ يَجْمَحُونَ} يجمحونَ مضارعُ جَمَحَ يجمحُ إذا أَسْرَعَ في سيرِه إِسْرَاعًا لاَ يَرُدُّ وجهَه شيءٌ، ومنه: فَرَسٌ جموحٌ إذا كان اللجامُ لا يمسكُه ولا يردُّه عن وجهتِه شيءٌ، فَكُلُّ مسرعٍ في جَرْيِهِ لاَ يَرُدُّهُ عن وجهه شيءٌ تُسَمِّيهِ العربُ جموحًا وجامحًا. أي: لو وَجَدُوا أَيَّ موضعٍ يذهبونَ فيه إليكم ولا يَصْحَبُونَكُمْ لَوَلَّوْا إليه في غايةِ الإسراعِ لا يردُّهم عنه شيءٌ، ولكنهم لا يجدونَ طريقًا أبدًا غيرَ معاشرتِكم فَهُمْ مُلْجَؤُونَ إليها يعاشرونَكم مُكْرَهِينَ لا مَفَرَّ ولاَ ملجأَ لهم، ولو وَجَدُوا أي مَفَرٍّ للجؤوا إليه، وهذا غايةُ العداوةِ، بَيَّنَ اللَّهُ أسرارَهم وشدةَ عداوتِهم لِنَبِيِّهِ ليتحرزَ منهم؛ لأَنَّ العدوَّ إذا كان في ثيابِ صديقٍ هو أَشَدُّ الأعداءِ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015