ما أصابَهم من القتلِ والجراحِ، وهو السببُ الذي تَوَلَّوْا به وَهُمْ فَرِحُونَ الآنَ.

فالآيةُ معناها: {إِنْ تُصِبْكَ} يا نَبِيَّ اللَّهِ {حَسَنَةٌ} أي: يُعْطِكَ اللَّهُ ظفرًا ونصرًا {تَسُؤْهُمْ} تلك الحسنةُ {وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ} سيئةٌ كقتلِ قومِك وجراحِهم وإدالةِ الكفارِ منهم {يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا} أَخَذْنَا لأنفسِنا بالاحتياطِ وتخلفَنا عن هذا الذي وَقَعُوا فيه حذرًا مِنَّا واحتياطًا أن يصيبَنا مثلُ ما أصابَهم {وَيَتَوَلَّوا} عن دينِ الإسلامِ، ونصرةِ رسولِ اللَّهِ، أو يتولَى بعضُهم راجعًا إلى بعضٍ، والحالُ {وَّهُمْ فَرِحُونَ} مسرورونَ بالسوءِ الذي أصابَكم وسلامتِهم منه، وأنهم لم يَحْضُرُوهُ معكم. هذا معنَى قولِه: {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوا وَّهُمْ فَرِحُونَ (50)}.

ثم إن اللَّهَ (جلَّ وعلا) أَمَرَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أن يقولَ لهم: {قُل لَّنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا} [التوبة: آية 51] لن يصيبَنا أَذًى من الأَذَى لا قتل ولا جراح ولا مصيبة كائنة ما كانت إلا ما كَتَبَهُ لنا ربُّنا في أَزَلِهِ. وقولُه: {مَوْلانَا} أي سَيِّدُنَا وناصرُنا. والمولَى: أصلُه (مَفْعَل) من الولايةِ. والمولَى في لغةِ العربِ يُطْلَقُ على كُلِّ مَنْ يَنْعَقِدُ بَيْنَكَ وبينَه معنًى تكونُ تواليه ويواليكَ به (?)؛ ولذا كَثُرَ إطلاقُ المولَى على ابنِ العمِّ؛ لأن بَنِي العمِّ يُوَالُونَكَ بعصبيةِ القرابةِ وَتُوَالِيهِمْ، ويُطلق على المعتِق؛ لأن العتقَ ولايةٌ حصلت بينَه وبينَ المعتَق، فهو يُطلق على المعتِق وعلى المعتَق. ويُطلق المولَى على الصديقِ، وعلى كُلِّ مَنْ بينَك وبينَه ولايةٌ كائنةٌ ما كانت (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015