الجنسِ، فَنَفَوْا جنسَ العلمِ من أصلِه عن أنفسِهم إلا شيئًا عَلَّمَهُمُ اللَّهُ إياه {لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا}.
وكذلك الرسلُ (صلواتُ اللَّهِ وسلامُه عليهم) مع علمِهم وفضلِهمٍ وجلالتِهم لاَ يعلمونَ من أمرِ اللَّهِ إلا شيئًا عَلَّمَهُمُ اللَّهُ إياه {وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء: آية 85].
هذا سيدُ الرسلِ وأكملُ الخلقِ نَبِيُّنَا محمدٌ (صلواتُ اللَّهِ وسلامُه عليه) - وهو هو - رُمِيَتْ أحبُّ أزواجِه إليه بفريةٍ وإفكٍ، حيث رُمِيَتْ بصفوانَ بنِ المعطلِ السلميِّ في غزوةِ المريسيعِ، وهو لا يدرِي ما قيل عنها أَحَقٌّ أو كَذِبٌ، وكان يقولُ لها: «يَا عَائِشَةُ، إِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَتُوبِي، فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْكِ» (?). ولم يَدْرِ هل ما قيل عنها حَقٌّ أو كَذِبٌ حتى أخبرَه العليمُ الخبيرُ (جلَّ وعلا) قال: {أُولَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [النور: آية 26].
وهذا نَبِيُّ اللَّهِ إبراهيمُ إمامُ الأنبياءِ (صلواتُ اللَّهِ عليهم جميعًا) ذَبَحَ عِجْلَهُ وتعب هو وامرأتُه في إنضاجِ العجلِ يَظُنُّ أن الملائكةَ يأكلون، لا يدرِي مَنْ هُمْ، حتى إنه لَمَّا رآهم لم يأكلوا خَافَ منهم كما في قولِه: {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ} [هود: آية 70] وَصَرَّحَ لهم بأنه خائفٌ منهم حيث قال: {فَقَالُوا سَلامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ} [الحجر: آية 52] حتى ضَحِكَتِ امرأتُه، وَلَمَّا ارتحلوا عنه ونزلوا بنبيِّ اللَّهِ لوطٍ - وهو هو - ضَاقَ بهم ذَرْعًا وقال: {هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} [هود: آية 77] وَلَمْ يَدْرِ أنهم ملائكةٌ حتى قال كلامَه المحزنَ: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: آية 80]