بديارِ بَنِي ساعدةَ من الخزرجِ تلقاه سعدُ بنُ عبادةَ (رضي الله عنه) والمنذرُ بنُ عمرٍو (رضي الله عنهم) وقالوا: يا نَبِيَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- هَلُمَّ إلينا في العدةِ والعددِ والمنعةِ. قال: «خَلُّوا سَبِيلَهَا إِنَّهَا مَأْمُورَةٌ» فلما مَرَّتْ ببني عديِّ بنِ النجارِ وهم أخوالُه الأقربونَ صلى الله عليه وسلم؛ لأَنَّ جدَّه عبدَ المطلبِ أُمُّهُ سلمى بنتُ عمرِو بنِ زيدٍ من بَنِي عديِّ بنِ النجارِ، تلقاه منهم رجالٌ منهم سليطُ بنُ قيسٍ وأبو سليطٍ. فقالوا: يا نَبِيَّ اللَّهِ هَلُمَّ إلى أخوالِك في العددِ والعدةِ والمنعةِ.

قال: «خَلُّوا سَبِيلَهَا إِنَّهَا مَأْمُورَةٌ» فلما مَرَّتْ بديارِ بَنِي الحارثِ بنِ الخزرجِ (?) تَلَقَّاهُ جماعةٌ منهم، منهم سعدُ بنُ الربيعِ، وعبدُ اللَّهِ بنُ رواحةَ، وخارجةُ بنُ زيدٍ (رضي الله عنهم)، في رجالٍ من بَنِي الحارثِ بنِ الخزرجِ، فقالوا: يا رسولَ اللَّهِ هَلُمَّ إلينا في العددِ والعدةِ والمنعةِ. قال: «خَلُّوا سَبِيلَهَا إِنَّهَا مَأْمُورَةٌ» حتى بَلَغَتْ ديارَ بني مالكِ بنِ النجارِ فَبَرَكَتْ بجنبِ هذا المسجدِ. وكان إذ ذلك الوقتِ مربدًا، والمربدُ موضعُ إصلاحِ التمرِ، وكان لِيَتِيمَيْنِ من بَنِي مالكِ بنِ النجارِ، هُمَا سهلٌ وسهيلٌ ابْنَا عمرٍو، وابنُ إسحاقَ يقول (?): إنهما في حجرِ معاذِ بنِ عفراءَ. وجاء في صحيحِ البخاريِّ من طريقِ الزهريِّ ما يقتضي أنهما في حجرِ أسعدَ بنِ زرارةَ (رضي الله عنه) (?). فبركت الناقةُ، فلما بركت قال ابنُ إسحاقَ (?): لم ينزل عنها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى قَامَتْ وَمَشَتْ قليلاً ثم التفتت وَرَجَعَتْ إلى مبركِها الأولِ. وتحلحلت فيه ووضعت جِرَانَهَا في الأرضِ. والجرانُ: بَاطِنُ عنقِ البعيرِ، وكان أقربُ بيتٍ لذلك بيتُ أبِي أيوب الأنصاريِّ - خالدِ بنِ زيدٍ (رضي الله عنه) - فَأَخَذَ رحلَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى بيتِه، ولم يَزَلْ صلى الله عليه وسلم في بيتِ أبِي أيوب حتى بَنَى هذا المسجدَ، وَبَنَى مساكنَه وَحُجَرَهُ التي بجنبِه فانتقلَ إليها.

هذا ملخصٌ عَمَّا جاء في هذا السِّفْرِ المباركِ، سِفْرِ الهجرةِ، فيه بعضُ رواياتٍ ثابتةٍ في الصحيحِ، وفيه كثيرٌ منه في السيرةِ والأخبارِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015