بني سُلَيْمٍ، ويذكرُ الفتحَ وَحُنَيْنًا في قصائدِه، ومن ذلك قولُه في رائيتِه المشهورةِ (?):
مَا بَالُ عَيْنِكَ فِيهَا عَائِرٌ سَهِرٌ ... مِثْلُ الْحَمَاطَةِ أَغْضَى فَوْقَهَا الشُّفُرُ
عَيْنٌ تَأَوَّبَهَا مِنْ شَجْوِهَا أَرَقٌ ... فَالْمَاءُ يَغْمُرُهَا طَوْرًا وَينْحَدِرُ
كَأَنَّهُ نَظْمُ دُرٍّ عِنْدَ نَاظِمَةٍ ... تَقَطَّعَ السِّلْكُ مِنْهُ فَهْوَ مُنْتَثِرُ
يَا بُعْدَ مَنْزِلِ مَنْ تَرْجُو مَوَدَّتَهُ ... وَقَدْ أَتَى دُونَهُ الصَّمَّانُ فَالْحَفَرُ
دَعْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَهْدِ الشَّبَابِ فَقَدْ ... وَلَّى الشَّبَابُ وَزَارَ الشَّيْبُ وَالزَّعَرُ
وَاذْكُرْ بَلاَءَ سُلَيْمٍ فِي مَوَاطِنِهَا ... وَفِي سُلَيْمٍ لأَهْلِ الْفَخْرِ مُفْتَخَرُ
قَوْمٌ هُمُ نَصَرُوا الرَّحْمَنَ وَاتَّبَعُوا ... دِينَ الرَّسُولِ وَأَمْرُ النَّاسِ مُشْتَجِرُ
لاَ يَغْرِسُونَ فَسِيلَ النَّخْلِ وَسْطَهُمُ ... وَلاَ تَخَاوَرُ فِي مِشْتَاهُمُ الْبَقَرُ
إِلاَّ سَوَابِحَ كَالْعِقْبَانِ مُقْرَبَةً ... فِي دَارَةٍ حَوْلَهَا الأَخْطَارُ وَالْعَكَرُ
تُدْعَى خُفَافٌ وَعَوْفٌ فِي جَوَانِبِهَا ... وَحَيُّ ذِكْوَانَ لاَ مِيلٌ وَلاَ ضُجُرُ
الضَّارِبُونَ جُنُودَ الْكُفْرِ ضَاحِيَةً ... بِبَطْنِ مَكَّةَ وَالأَرْوَاحُ تُبْتَدَرُ
حَتَّى رَفَعْنَا وَقَتْلاَهُمْ كَأَنَّهُمُ ... نَخْلٌ بِظَاهِرَةِ الْبَطْحَاءِ مُنْقَعِرُ
وَنَحْنُ يَوْمَ حُنَيْنٍ كَانَ مَشْهَدُنَا ... لِلدِّينِ عِزًّا وَعِنْدَ اللَّهِ مُدَّخَرُ
إِذْ نَرْكَبُ الْمَوْتَ مُخْضَرًّا بَطَائِنُهُ ... وَالْخَيْلُ يَنْجَابُ عَنْهَا سَاطِعٌ كَدِرُ
تَحْتَ اللَّوَامِعِ وَالضَّحَاكُ يَقْدُمُنَا ... كَمَا مَشَى اللَّيْثُ فِي غَابَاتِهِ الْخَدِرُ
فِي مَأْزِقٍ مِنْ مَجَرِّ الْحَرْبِ كَلْكَلُهَا ... تَكَادُ تَأْفُلُ مِنْهُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ
وَقَدْ صَبَرْنَا بِأَوْطَاسٍ أَسِنَّتَنَا ... لِلَّهِ نَنْصُرُ مَنْ شِئْنَا وَنَنْتَصِرُ
فَمَا تَرَى مَعْشَرًا قَلُّوا وَلاَ كَثُرُوا ... إِلاَّ وَأَصْبَحَ مِنَّا فِيهُمُ أَثَرُ