وَجَدَ الأنصارُ في أنفسِهم موجدةً، وقالوا: يُعْطِي قريشًا الغنائمَ وسيوفُنا تقطرُ من دمائِهم!! فَسَمِعَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بمقالتِهم، فأرسلَ سعدَ بنَ عبادةَ (رضي الله عنه) يجمعُ له الأنصارَ، فَجَمَعَ له جميعَ الأنصارِ، فأخبرَه أن القومَ اجتمعوا، فجاءهم، قال: «مَا شَيْءٌ سَمِعْتُهُ عَنْكُمْ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ؟» قالوا: وما هو؟ قال: «سَمِعْتُ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: يُعْطِي قُرَيْشًا وَلاَ يُعْطِينَا وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ، أَوْ كَلاَمٌ نَحْوَ هَذَا» فقالوا: قد قال هذا بعضُ سفهائِنا، وأما أهلُ الْحِلْمِ مِنَّا فلم يقولوه. فقال لهم: «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلاَّلاً فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي؟ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ بِي؟ وَأَعْدَاءً فَألَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ بِي؟» قالوا له: لِلَّهِ المنةُ ولرسولِه صلى الله عليه وسلم. قال: «أَوَلاَ تُجِيبُونَنِي يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ؟» قالوا: ماذا نقول؟ قال: «لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ: أَلَمْ تَأْتِنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ؟ وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ؟ وَمَخْذُولاً فَنَصَرْنَاكَ؟» ثم قال: «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَلاَ يُرْضِيكُمْ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ وَالْبَعِيرِ وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بُيُوتِكُمْ؟ لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَالأَنْصَارُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ وَشِعْبَ الأَنْصَارِ» فبكى القومُ حتى أَخْضَلَ الدمعُ لِحَاهُمْ، وقالوا: رَضِينَا يا رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (?).
وكانت قِيلَتْ في حنينٍ أشعارٌ، ونحن لاَ نريدُ الإكثارَ من إيرادِ الأشعارِ فيها، لكن نذكرُ طرفًا منها، ومن أَشْهَرِ ما قيل في غزوةِ حُنَيْنٍ: شعرُ العباسِ بنِ مرداس السلميِّ (رضي الله عنه)، يفخرُ بقومِه