فهذه القصةُ أَوَّلاً انْهَزَمَ فيها المسلمونَ، وقد ثَبَتَ في الصحيحِ (?) عن البراءِ بنِ عازبٍ (رضي الله عنه) أنه سَأَلَهُ رجلٌ: أَفَرَرْتُمْ عن رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يومَ حُنَيْنٍ؟ قال: لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَفِرَّ (صلواتُ اللَّهِ وسلامُه عليه)، وكان يقولُ: «أَقْبِلُوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ، أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.
أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ»
ثم إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ جميعَ سَبْيِ هوازنَ، وكان فيه آلافٌ عديدةٌ من السَّبَايَا من النساءِ وَالذَّرَارِي، ومن الأموالِ ما لا يُحْصِيهِ إِلاَّ اللَّهُ، من الإبلِ والشاءِ وجميعِ الأموالِ، وكان قد نَفَّلَ بعضَ أصحابِه، فَأَعْطَى عَلِيَّ بنَ أَبِي طالبٍ جاريةً تُسَمَّى ريطةَ بنتَ هلالٍ، وأعطى عمرَ بنَ الخطابِ (رضي الله عنه) جاريةً تُسَمَّى زينبَ بنتَ حيانَ، في أشياءٍ كثيرةٍ (?). ثم إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَجَعَ بنفسِه يتبعُ فَلَّهُمْ إلى الطائفِ، فَحَاصَرَ أهلَ الطائفِ؛ لأَنَّ أهلَ الطائفِ - ثَقِيفًا - لَمَّا مَاتَ منهم ما مَاتَ في غزوةِ حنينٍ وَرَجَعُوا تَحَصَّنُوا بحصنِ الطائفِ، وَصَارُوا يُخْرِجُونَ السهامَ مِنْ كُوَى الحائطِ يُرامون بها أصحابَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَكَثَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَمَنًا يُحَاصِرُهُمْ، وَمَاتَ في حصارِهم جماعةٌ من أصحابِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُمْ مُتَحَصِّنُونَ لم يُؤْذَنْ له في فَتْحِهِمْ، فسأل عنهم معاويةَ بنَ نوفلٍ الديليَّ: ماذا تَرَى؟ قال: أَرَى أنَّ هؤلاء القومَ كالثعلبِ في جُحْرِهِ، إن أَطَلْتَ المقامَ على جُحْرِهِ أَخَذْتَهُ، وإن