ونحن دائمًا في هذه الدروسِ إنا جاءت غزوةٌ من مَغَازِي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في الآياتِ القرآنيةِ نُفَصِّلُهَا ونذكرُ تفاصيلَها لتمامِ الفائدةِ كما أَوْضَحْنَا فيما مَضَى غزوةَ أُحُدٍ في سورةِ آلِ عمرانَ، وغزوة [بدر] (?) في سورةِ [الأنفال] (?)، وسيأتِي في سورِ القرآنِ العظيمِ أكثرُ مغازيه صلى الله عليه وسلم.
وهذه الغزوةُ التي أَشَارَ لها اللَّهُ هنا وَبَيَّنَ أن الصحابةَ أَعْجَبََتْهُمْ كثرتُهم فيها، وأن كثرتَهم لم تُغْنِ عنهم شيئًا، وأنهم ضَاقَتْ عليهم الأرضُ بما رَحُبَتْ ثم وَلَّوْا مُدْبِرِينَ، هي غزوةُ حُنَيْنٍ، وسنشيرُ الآنَ إلى هذه الغزوةِ ونذكرُ تفاصيلَها.
أما حنين فهو وَادٍ من أوديةِ تِهَامَةَ بينَ مكةَ والطائفِ غيرُ بعيدٍ من ذِي المجازِ، وأما الذين غَزَاهُمْ فَهُمْ هوازنُ، وهوازنُ قبيلةٌ من قبائلِ قيسِ عيلانَ بنِ مضر؛ لأن هوازنَ هو ابنُ منصورِ بنِ خصفةَ بنِ عكرمةَ (?) بنِ قيسِ عيلانَ بنِ مُضَرٍ.
قال بعضُ أصحابِ المغازي وَالسِّيَرِ (?): لَمَّا سمع هوازنُ بخروجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم من [المدينة] (?) ظَنُّوا أنه يقصدُهم في غزاةِ الفتحِ فتجمعوا، جَمَعَهُمْ رئيسُهم في ذلك الوقتِ، ورئيسُهم في ذلك الوقتِ مالكُ بنُ عوفٍ النصريُّ من بَنِي نصرِ بنِ بكرِ بنِ هوازنَ. ثُمَّ لَمَّا بَلَغَهُمْ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَتَحَ مكةَ جَمَعَهُمْ مالكُ بنُ عوفٍ وعزموا على مقاتلةِ